تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

الساعة : يوم القيامة .

أكمامها : جمع كِمّ بكسر الكاف ، برعوم الثمرة ووعاؤها ، وكذلك الكُم بضم الكاف : وعاء الثمر والزهر .

آذنّاك : أعلمناك .

ما منا من شهيد : ليس منا من يشهد لك شركاء .

بعد تلك الجولة مع المشركين ، وما ينتظرهم يوم القيامة حسب أعمالهم وسوء عقائدهم ، يبيّن الله تعالى هنا أن لا سبيل إلى معرفة يوم القيامة وتحديد موعده ، فذاك لا يعلمه إلا هو ، وأن علم الحوادث المقبلة في أوقاتها عند الله ، فلا يعلم أحد متى تخرجُ الثمر من أكمامها ، ولا متى تحمل المرأة ولا متى تضع . ثم ذكر سبحانه أنه يوم القيامة ينادي المشركين تقريعاً لهم فيقول لهم : { أَيْنَ شُرَكَآئِي } الذين كنتم تعبدونهم من دوني ؟ فيكون جوابهم : { آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } إننا نُعلمك يا الله أنه ليس منا الآن من يشهد أن لك شركاء .

قراءات :

قرأ نافع وحفص وابن عامر من ثمرات بالجمع . والباقون : من ثمرة بالإفراد .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

شرح الكلمات :

{ إليه يرد علم الساعة } : أي إلى الله يرد علم الساعة أي متى تقوم إذ لا يعلمها إلا هو .

{ وما تخرج من ثمرات من أكمامها } : أي من أوعيتها واحد الأكمام كِمّ وكم الثوب مخرج اليد .

{ وما تحمل من أنثى } : أي من أي جنس كان إنساناً أو حيواناً .

{ ولا تضع إلا بعلمه } : أي ولا تضع حملها إلا ملابساً بعلم الله تعالى المحيط بكل شيء .

{ قالوا آذنَّاك } : أي أعلمناك الآن .

{ ما منا من شهيد } : أي ليس منا من يشهد بأن لك شريكاً أبداً .

المعنى :

يخبر تعالى أن علم الغيب قد انحصر فيه فليس لأحد من خلقه علم الغيب وخاصة علم الساعة أي علم قيامها متى تقوم ؟ كما أخبر عن واسع علمه وأنه محيط بكل الكائنات فما تخرج من ثمرة من كمها وعائها وتظهر منه إلا يعلمها على كثرة الثمار والأشجار ذات الأكمام ، وما تحمل من انثى بِجَنِين ولا تضعه يوم ولادته أو إسقاطه إلا يعلمه أي يتم ذلك بحسب علمه تعالى وإذنه ، وهذه مظاهر الربوبية المستلزمة للألوهية فلا إله غيره ولا رب سواه ، ومع هذا فالجاهلون يتخذون له شركاء أنداداً من أحجار وأوثان يعبدونها معه ظلماً وسفهاً . ويوم يناديهم وذلك في يوم القيامة أي شركائي ؟ أي الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لي ، فيتبرءون منهم ويقولون : آذناك أعلمناك الآن أنه ما منا من شهيد يشهد بأن لك شريكا إنه لا شريك لك .

الهداية :

من الهداية :

- استئثار الله تعالى بِعِلْم الغيب وخاصة علم متى تقوم الساعة .

- إحاطة علم الله تعالى بكل شيء فما تخرج من ثمرة من أوعيتها ولا تحمل من أُنثى ولا تضع حملها إلا بعلم الله تعالى وإذنه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

{ 47-48 } { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ }

هذا إخبار عن سعة علمه تعالى واختصاصه بالعلم الذي لا يطلع عليه سواه فقال : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ } أي : جميع الخلق ترد علمهم إلى الله تعالى ، ويقرون بالعجز عنه ، الرسل ، والملائكة ، وغيرهم .

{ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا } أي : وعائها الذي تخرج منه ، وهذا شامل لثمرات جميع الأشجار التي في البلدان والبراري ، فلا تخرج ثمرة شجرة من الأشجار ، إلا وهو يعلمها علما تفصيليًا .

{ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى } من بني آدم وغيرهم ، من أنواع الحيوانات ، إلا بعلمه { وَلَا تَضَعُ } أنثى حملها { إِلَّا بِعِلْمِهِ } فكيف سوَّى المشركون به تعالى ، من لا علم عنده ولا سمع ولا بصر ؟ .

{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } أي : المشركين به يوم القيامة توبيخًا وإظهارًا لكذبهم ، فيقول لهم : { أَيْنَ شُرَكَائِيَ } الذين زعمتم أنهم شركائي ، فعبدتموهم ، وجادلتم على ذلك ، وعاديتم الرسل لأجلهم ؟ { قَالُوا } مقرين ببطلان إلهيتهم ، وشركتهم مع الله : { آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ } أي : أعلمناك يا ربنا ، واشهد علينا أنه ما منا أحد يشهد بصحة إلهيتهم وشركتهم ، فكلنا الآن قد رجعنا إلى بطلان عبادتها ، وتبرأنا منها ، ولهذا قال : { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

{ إليه يرد علم الساعة } لأنه لا يعلمه غيره { وما تخرج من ثمرات من أكمامها } أوعيتها { ويوم يناديهم أين شركائي } الذين كنتم تزعمون { قالوا آذناك } أعلمناك { ما منا من شهيد } شاهد أن لك شريكا لما عاينوا القيامة تبرؤوا من معبوديهم

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

ولما تضمنت الآية السالفة الجزاء على كل جليل وحقير ، وقليل وكثير ، والبراءة من الظلم ، كما قال تعالى { وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون }{ ووفيت كل نفس ما عملت }[ آل عمران : 25 ] { وهو أعلم بما يفعلون } وأشير إلى التوعد بالجزاء في يوم الفصل لأنا نشاهد أكثر الخلق يموت من غير جزاء ، وكان من عادتهم السؤال عن علم ذلك اليوم ، وكان ترك الجزاء إنما يكون للعجز ، والظلم إنما يكون للجهل ، لأنه وضع الأشياء في غير محالها فعل الماشي في الظلام ، دل على تعاليه عن كل منهما بتمام العلم المستلزم لشمول القدرة على وجه فيه جوابهم عن السؤال عن علم الوقت الذي تقوم فيه الساعة الذي كان سبباً لنزول هذه الآية - كما ذكره ابن الجوزي - بقوله على سبيل التعليل : { إليه } أي إلى المحسن إليك لا إلى غيره { يرد } من كل راد { علم الساعة } أي التي لا ساعة في الحقيقة غيرها ، لما لها من الأمور التي لا نسبة لغيرها بها ، فهي الحاضرة لذلك في جميع الأذهان ، وإنما يكون الجزاء على الإساءة والإحسان فيها حتى يظهر لكل أحد ظهوراً بينا لكل أحد أنه لا ظلم أصلاً ، فلا يمكن أن يسأل أحد سواه عنها ويخبر عنها بما يغنى في تعيين وقتها وكيفيتها وصنعتها ، وكلما انتقل السائل من مسؤول إلى أعلم منه وجده كالذي قبله حتى يصل الأمر إلى الله تعالى ، والعالم منهم هو الذي يقول : الله أعلم ، فاستئثاره بعلمها دال على تناهي علمه ، وحجبه له عن كل من دونه دال على تمام قدرته ، واجتماع الأمرين مستلزم لبعده عن الظلم ، وأنه لا يصح اتصافه به ، فلا بد من إقامته لها ليوفي كل ذي حق حقه ، ويأخذ لكل مظلوم ظلامته غير متعتع .

ولما كانوا ينازعون في وقوعها فضلاً عن العلم بها ، عدها أمراً محققاً مفروغاً منه وذكر ما يدل على شمول علمه لكل حادث في وقته دليلاً على علمه بما يعين وقت الساعة ، وذلك على وجه يدل على قدرته عليها وعلى كل مقدور بما لا نزاع لهم فيه من ثمرات النبات والحيوان التي هي خبء في ذوات ما هي خارجة منه ، فهي كخروج الناس بعد موتهم من خبء الأرض ، فقال مقدماً للرزق على الخلق كما هو الأليق ، عطفاً على ما تقديره : فما يعلمها ولا يعلمها إلا هو : { وما تخرج } أي في وقت من الأوقات الماضية والكائنة والآتية ، فإن " ما " النافية لا تدخل إلا على معناه الحلول ، فالمراد مجرد تصوير الحال وإن كان زمانه قد مضى أو لم يأت ، وأكد النفي بالجار فقال : { من ثمرات } أي صغيرة أو كبيرة صالحة أو فاسدة من الفواكه والحبوب وغيرها ؛ والإفراد في قراءة الجماعة للجنس الصالح للقليل والكثير ، نبهت قراءة نافع وابن عامر وحفص عن عاصم بالجمع على كثرة الأنواع { من أكمامها } جمع كم وكمامة بالكسر فيهما وهو وعاء الطلع وغطاء النور ، وكل ما غطى على وجه الإحاطة شيئاً من شأنه أن يخرج فهو كم ، ومنه قيل للقلنسوة : كمة ، ولكم القميص ونحوه : كم ، أي إلا بعلمه { وما تحمل من أنثى } خداجاً أو تماماً ، ناقصاً أو تاماً ، وكذا النفي باعادة النافي ليشمل كلا على حياله ، وعبر ب " لا " لأن الوضع ليس كالحمل يقع في لحظة بل يطول زمان انتظاره فقال : { ولا تضع } حملاً حياً أو ميتاً { إلا } حال كونه ملتبساً { بعلمه } ولا علم لأحد غيره بذلك ، ومن ادعى علماً به فليخبر بأن ثمرة الحديقة الفلانية والبستان الفلاني والبلد الفلاني تخرج في الوقت الفلاني أو لا تخرج العام شيئاً أصلاً ، والمرأة الفلانية تحمل في الوقت الفلاني وتضع في وقت كذا أو لا تحمل العام شيئاً ، ومن المعلوم أنه لا يحيط بهذا علماً إلا الله سبحانه وتعالى .

ولما ثبت بهذا علمه صريحاً وقدرته لزوماً وعجز من سواه وجهله ، وتقرر بذلك أمر الساعة من أنه قادر عليها بما أقام من الأدلة ، وأنه لا بد من كونها لما وعد به من تكوينها لينصف المظلوم من ظالمه لأنه حكيم ولا يظلم أحداً وإن كانوا في إيجادها ينازعون ، وله ينكرون قال تعالى مصوراً ما تضمنه ما سبق من جهلهم ، ومقرراً بعض أحوال القيامة ، عاطفاً على أرشد السياق إلى تقديره من نحو : فهو على كل شيء قدير لأنه على كل شيء شهيد وهم بخلاف ذلك ، مقرراً قدرته تصريحاً وعجز ما ادعوا من الشركاء : { ويوم يناديهم } أي المشركين بعد بعثهم من القبور ، للفصل بينهم في سائر الأمور فيقول المحسن إليك بأنواع الإحسان الذي منه إنصاف المظلوم من ظالمه على سبيل التوبيخ والتقريع والتنديم : { أين شركائي } أي الذين زعمتم أنهم يشفعون لكم في هذا اليوم ويحمونكم من العقاب واللوم ، والعامل في الظرف { قالوا } أي المشركون : { آذنّاك } أي أعلمناك سابقاً بألسنة أحوالنا والآن بألسنة مقالنا ، وفي كلتا الحالتين أنت سامع لذلك لأنك سامع لكل ما يمكن أن يسمع وإن لم يسمعه غيرك ، ولذا عبروا بما منه الإذن { ما منا } وأكدوا النفي بإدخال الحار في المبتدأ المؤخر فقالوا : { من شهيد * } أي حي دائماً حاضر دون غيبة ، مطلع على ما يريد من غير خفاء بحيث لا يغيب عن علمه شيء فيخبر بما يخبر به على سبيل القطع والشهادة ، فآل الأمر إلى أن المعنى : لا نعلم أي ما كنا نسميهم شركاء لأنه ما منا من هو محيط العلم .