يوم يقوم الأشهاد : يوم القيامة ، والأشهاد : الشهود الذين يشهدون على الناس .
ثم بين الله تعالى أنه ينصر رسُله ، والذين آمنوا معهم في الحياة الدنيا ، { وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد } وهو يوم القيامة . وقد يكون الشهود من الإنسان نفسه كما قال تعالى { حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ فصلت : 20 ] .
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } : أي بأن نظهر دينهم ، أو نهلك قومهم في وننجيهم من الهلاك .
{ ويوم يقوم الأشهاد } : أي وتنصرهم يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ .
وقوله تعالى : { إنا لننصر رسلنا } تقرير لحقيقة عظمى ، وهي أن من سنة الله في رسله أنه ينصرهم بانتصار دينهم وما يهدون ويدعون إليه ، وإن طال الزمن واشتدت الفتن والمحن ، أو بإِهلاك أممهم المكذبة لهم وإنجائهم والمؤمنين معهم قال تعالى : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } وقوله : { ويوم يقوم الأشهاد } أي وينصرهم في الآخرة يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون الرسل بالبلاغ وعلى الكافرين بالتكذيب .
- بيان وعد الله لرسله والمؤمنين وهو أنه ينصرهم بأحد أمرين الأول أن ينصر دينهم ويظهره ويقرره وإن طال الزمن ، والثاني أن يهلك عدوهم وينجيهم .
ولما كان حاصل ما مضى من هذا القص الذي هو أحلى من الشراب ، وأغلى من الجوهر المنظم في أعناق الكواعب الأتراب ، لأنه سبحانه نصر الرسل على أممهم حين هموا بأخذهم ، فلم يصلوا إليهم ثم أهلكهم الله هذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فعذبهم أشد العذاب ، وكذلك نصر موسى عليه السلام والمؤمن الذي دافع عنه ، وكان نصر اهل الله قاطبة خفياً ، لأنهم يُبتلون ثم يكون لهم العاقبة ، فكان أكثر الجامدين وهم أكثر الناس يظن أنه لا نصرة لهم ، قال الله تعالى لافتاً القول إلى مظهر العظمة ، لأن النصرة عنها تكون على سبيل الاستنتاج مما مضى مؤكداً تنبيهاً للأغبياء على ما يخفى عليهم : { إنا } أي بما لنا من العظمة { لننصر رسلنا } أي على من ناوأهم { والذين آمنوا } أي اتسموا بهذا الوصف وإن كانوا في أدنى رتبة .
ولما كانت الحياة تروق وتحلو بالنصرة وتتكدر بضدها ، ذكرها لذلك ولئلا يتوهم لو سقطت أن نصرتهم تكون رتبتها دنية فقال : { في الحياة الدنيا } بالزامهم طريق الهدى الكفيلة بكل فوز وبالحجة والغلبة ، وإن غلبوا في بعض الأحيان فإن العاقبة تكون لهم ، ولو بأن يقيض سبحانه لأعدائهم من يقتص ولو بعد حين ، وأقل ذلك أن لا يتمكن أعداؤهم من كل ما يرون منهم { ويوم يقوم الأشهاد * } أي في الدار الآخرة من الملائكة والنبيين وسائر المقربين ، جمع شهيد كشريف وأشراف ، إشارة إلى أن شهادتهم بليغة في بابها ، لما لهم من الحضور التام ، وإلى ذلك يشير تذكير الفعل والتعبير بجمع القلة ، ولكن الجياد قليل مع أنهم بالنسبة إلى أهل الموقف كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ، وإنما عبر بذلك إشارة إلى تجلي الحكم بالعدل بصفات الجبروت للقسط ، فيرفع أولياءه بكل اعتبار ، ويهين أعداءهم كل إهانة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.