تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

الحجرات : مكان سكن النبي الكريم ، كان لكل زوجة حجرة ، بيت .

من وراء الحجرات : من خارجها .

كان الأعراب ( وهم قريبو عهد بالجاهلية ) أكثرهم جُفَاة يأتون إلى المدينة فيجتمعون عند حجُرات أزواج رسول الله ، وينادونه بأصواتهم المزعجة :

يا محمد ، اخرج إلينا . وكان هذا في العام التاسع من الهجرة وهو عام

« الوفود » لدخول الناس في دين الله أفواجا . فكان ذلك يؤذي النبيَّ الكريم عليه الصلاة والسلام .

فأدّبهم الله بهذا القرآن الكريم ، ووصفهم بأن أكثرهم لا يعقِلون ، ثم بين لهم أن النداء بهذا الجفاء منافٍ للأدب والتوقيرِ اللائق بشخص النبي الكريم ،

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

{ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون } الحجرات جمع حجرة وهي قطعة من الأرض يحجر عليها بحائط وكان لكل واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حجرة ونزلت الآية في وفد بني تميم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فدخلوا المسجد ودنوا من حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ووقفوا خارجها ونادوا يا محمد اخرج إلينا فكان في فعلهم ذلك جفاء وبداوة وقلة توقير فتربص رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة ثم خرج إليهم فقال له واحد منهم وهو الأقرع بن حابس يا محمد إن مدحي زين وذمي شين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ذلك الله تعالى " .

{ أكثرهم لا يعقلون } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون فيهم قليل ممن يعقل ونفي العقل عن أكثرهم لا عن جميعهم .

والآخر : أن يكون جميعهم ممن لا يعقل وأوقع القلة موضع النفي والأول أظهر في مقتضى اللفظ والثاني أبلغ في الذم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

قوله تعالى : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون 4 ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم } .

ذلك تنديد من الله بأولئك الأجلاف الذين ينادون النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات وهي بيوت نسائه ، وذلك في غلظة مستهجنة ما ينبغي أن تصدر عن مؤمنين كرام ولا يليق أن ينادي بها سيد الثقلين والأنام صلى الله عليه وسلم . وقد روى في سبب نزول الآية عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة : يامحمد يا محمد . فأنزل الله الآية .

وذكر أنها نزلت في جفاة بني تميم ، إذ قدم وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم فدخلوا المسجد فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين . فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم ، فقالوا : جئناك يا محمد نفاخرك ، ونزل فيهم قوله : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } وكان فيهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم{[4283]} .

و { الحجرات } جمع حجرة وهي البيت أو الغرفة{[4284]} وفي هذه الآية يخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم مبينا له أن هؤلاء الغلاظ الأجلاف الذين ينادونك من وراء البيوت من غير أدب ولا توقير ولا تواضع { أكثرهم لا يعقلون } يعني أكثرهم جاهلون بدين الله لغلبة السفاهة والجفاء على عقولهم وقلوبهم .


[4283]:أسباب النزول للنيسابوري ص 259.
[4284]:المصباح المنير جـ 1 ص 132.