قوله ( تعالى ){[51983]} : { إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الحجرات } هذا بيان لحال من كان في ( مقابلة{[51984]} من تقدم ، فإن الأول غَضَّ صوته ، والآخر رفعه ، وفيه إشارة إلى ترك الأدب من وجوه : )
أحدها : النداء ، فإن نداء الرجل الكبير قبيح بل الأدب الحضور بين يديه وعرض الحاجة إليهِ .
الثاني : النداء من وراء الحجرات ، فإن من ينادي غيره ولا حائل بينهما لا يكلفه المَشْيَ والمجيء بل يجيئه من مكانه وكلمه ومن ينادي غيره مع الحائل يريد منه حضوره .
الثالث : قوله «الحجرات » يدل على كون{[51985]} النبي صلى الله عليه وسلم في خَلْوَتِهِ التي لا يمكن{[51986]} إتيان المحتاج إليه في حاجته ( في ){[51987]} ذلك الوقت بل الأحسن التأخير وإن كان في وَرْطَةِ الحاجة{[51988]} .
قوله : «مِنْ وَرَاء » «مِنْ » لابتداء الغاية . وفي كلام الزمخشري ما يمنع أن «مِنْ »{[51989]} يكون لابتداء الغاية وانتهائها قال : لأن الشيء الواحد لا يكون مبدأ للفعل ومنتهًى له .
وهذا الذي أثبته بعض الناس وزعم أنها تدل على ابتداء الفعل وانتهائه في جهة واحدة نحو : أَخْذْتُ الدِّرْهَمَ مِنَ الكِيسِ{[51990]} .
والعامة على الحُجُرَات بضمتين وأبو جعفر وشَيْبَةُ بفَتْحها{[51991]} . وابن أبي عبلَة بإسكانها{[51992]} . وهي ثلاث لغات وتقدم تحقيقها في البقرة في قوله : «في ظُلُمَاتٍ »{[51993]} .
والحُجْرَةُ فُعْلَةٌ بمعنى مفعولة كغُرْفَة بمعنى مَغْروفَة . قال البغوي : الحُجُرَاتُ جمع الحُجْرَةِ فهي جَمْعُ الجَمْعِ{[51994]} .
الأول : قال ابن عباس : بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريّةً إلى بني العَنْبر ، وأمر عليهم عُيَيْنَة بن حِصْنٍ الفَزَاريّ ، فلما علما هربوا وتركوا عيالهم ، فَسَبَاهُمْ عيينة ، وقدم ( بهم{[51995]} ) على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ذلك رجالهم يفدونَ الذَّرَارِي فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً في أهله فلما رأتهم الذَّرَارِي أجْهَشُوا إلى آبائهم يبكون وكانت لكل امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حُجْرةٌ فعجلوا أن يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادون : يا محمد اخْرُجُ إلينا حتى أيقظُوه من نومه فخرج إليهم ، فقالوا يا محمد : فادنا عيالنا ، فنزل جبريل ( عليه الصلاة والسلام{[51996]} ) فقال : إن الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلاً فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «أتَرْضُون أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم ؟ » فقالوا : نعم ؛ قال سبرة : أنا لا أحكم وعمي شاهد وهو الأعور بن بشامة ؛ فرضوا به فقال الأعور : أرى ( أن{[51997]} ) تفادي نصفهم وأعتق{[51998]} نصفهم . فأنزل الله : { إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحجرات أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } وصفهم بالجهل وقلة العقل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.