لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

قوله عز وجل : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } . قال ابن عباس : «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى بني العنبر وأمر عليهم عيينة بن حصن الفزاري فلما علموا أنه توجه نحوهم ، هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاءه بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً في أهله ، فلما رأتهم الذراري أجهشوا إلى آبائهم يبكون وكان لكل امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرة فعجلوا قبل أن يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادون : يا محمد اخرج إلينا . حتى أيقظوه من نومه فخرج إليهم ، فقالوا : يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبريل عليه السلام فقال : إن الله تعالى يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلاً . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أترضوا أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم ؟ قالوا : نعم . قال سبرة : أنا لا أحكم إلا وعمي شاهد وهو الأعور بن بشامة ، فرضوا به ، فقال الأعور : أرى أن تفادي نصفهم وتعتق نصفهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد رضيت . ففادى نصفهم ، وأعتق نصفهم فأنزل الله عز وجل : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات { أكثرهم لا يعقلون } وصفهم بالجهل وقلة العقل . وقيل في معنى الآية : أكثرهم إشارة إلى من يرجع منهم عن ذلك الأمر ومن لا يرجع فيستمر على حاله وهم الأكثر .