فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

{ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون( 4 ) } .

{ وراء } من المواراة والاستتار ، فما استتر عنك فهو وراء ، خلفا كان أو قداما إذا لم تره ، فإذا رأيته لا يكون وراءك ؛ فالوراء بالنسبة إلى من في الحجرات ما كان خارجها لتواريه عمن فيها ؛ وقال بعض أهل اللغة : إن وراء من الأضداد فهو مشترك لفظي .

{ الحجرات } جمع حجرة ، كالغرفات جمع غرفة : وقيل الحجرات جمع حُجَر ، والحُجَر جمع حجرة ، فهو جمع الجمع ؛ والحجرة : الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها .

يبين الكتاب العزيز بيانا مؤكدا أن الذين يصيحون بالنبي وهم في خارج بيته والنبي صلى الله عليه وسلم في داخله ليخرج إليهم- دون رعاية لتوقير مقامه ، واللطف في الاستئذان عليه-أكثرهم لا يفكرون ولا يستهدون عقولهم فيما يقولون أو يفعلون .

[ وروى زيد بن أرقم فقال : أتى أناس النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه ، وإن يكن ملكا نعش في جنابه ؛ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد ، يا محمد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . . . وروى أنهم وفدوا وقت الظهيرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم راقدا ، فجعلوا ينادونه : يا محمد ، يا محمد ، اخرج إلينا ، فاستيقظ وخرج ؛ ونزلت . ]{[5162]} .


[5162]:مما أورده القرطبي.