تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

مما ملكت أيمانكم : من العبيد .

لقد بين لكم الله مثلا منتزعا من أنفسكم : هل لكم من عبيدِكم شركاءَ في أموالكم فأنتم وهم سواء في التصرف فيها ، تخافون منهم الاستبدادَ في التصرف فيها كما يخاف بعضكم بعضا ؟ إذا كان أحدكم يأنف أن يساويه عبيدُه في التصرف بأمواله ، فكيف تجعلون لله أنداداً من خلقه ؟ { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

{ 28 - 29 } { ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }

هذا مثل ضربه اللّه تعالى لقبح الشرك وتهجينه مثلا من أنفسكم لا يحتاج إلى حل وترحال وإعمال الجمال .

{ هَلْ لَكُمْ ممَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : هل أحد من عبيدكم وإمائكم الأرقاء يشارككم في رزقكم وترون أنكم وهم فيه على حد سواء .

{ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ } أي : كالأحرار الشركاء في الحقيقة الذين يخاف من قسمه واختصاص كل شيء بحاله ؟

ليس الأمر كذلك فإنه ليس أحد مما ملكت أيمانكم شريكا لكم فيما رزقكم اللّه تعالى .

هذا ، ولستم الذين خلقتموهم ورزقتموهم وهم أيضا مماليك مثلكم ، فكيف ترضون أن تجعلوا للّه شريكا من خلقه وتجعلونه بمنزلته ، وعديلا له في العبادة وأنتم لا ترضون مساواة مماليككم لكم ؟

هذا من أعجب الأشياء ومن أدل شيء على [ سفه ]{[649]} من اتخذ شريكا مع اللّه وأن ما اتخذه باطل مضمحل ليس مساويا للّه ولا له من العبادة شيء .

{ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ } بتوضيحها بأمثلتها { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الحقائق ويعرفون ، وأما من لا يعقل فلو فُصِّلَت له الآيات وبينت له البينات لم يكن له عقل يبصر به ما تبين ولا لُبٌّ يعقل به ما توضح ، فأهل العقول والألباب هم الذين يساق إليهم الكلام ويوجه الخطاب .


[649]:- زيادة من ب.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

قوله تعالى : { ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 28 ) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } .

يمثل الله للمشركين الذين اتخذوا من دونه أولياء وأشركوا معه في العبادة آلهة أخرى ، مثلا من أنفسهم ، عبدا مملوكا . وهو قوله : { هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي هل لكم من مماليككم الذين اتخذتموهم لكم عبيدا ، من شركاء فيما رزقناكم من مال { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء } . أو هل يرضى أحدكم أن يكون عبده شريكا له في ماله ليكون هو ومملوكه في هذا المال سواء ؟ .

قوله : { تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي تخافون هؤلاء الشركاء من مماليككم العبيد أن يقاسموكم أموالكم كما تخافون أن يقاسم بعضكم بعضا . فإن كنتم أنتم تأنفون من مشاركة عبيدكم إياكم فيما تملكونه من المال ، فكيف ترضون وتصدقون أن يكون لله أنداد من خلقه يشاركونه في الملك ؟ . أو كيف يُتصور أن تنزهوا أنفسكم أيها الناس عن مشاركة عبيدكم وتجعلوا أنتم عبيد الله شركاءه في خلقه ؟ ! لا جرم أن حكمكم هذا باطل ؛ بل أنه تصور فاسد ومستهجن لا يصدر إلا عن مأفونين موغلين في الضلالة والجهالة والعناد .

قوله : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الكاف في الإشارة في موضع نصب صفة لمصدر محذوف . أي مثل ذلك التفصيل نبين لكم الحجج والدلائل الواضحات لأولي العقول النيرة والأفهام التي تتفكر وتتدبر وهؤلاء مخصوصون بتفصيل الآيات ؛ لأنهم أجدر أن يبادروا للانتفاع بآيات الله وحججه وعلاماته الدالة على قدرته على الخلق والبعث ليوم الحساب .