تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

قل أيها الرسول للمشركين : إن صحّ الدليل القاطع أن للرحمن ولداً فأنا أولُ من يعبدُ هذا الولد ، لكنه لم يصحّ ذلك ولن يصحّ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

{ 81-83 } { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ * سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ }

أي : قل يا أيها الرسول الكريم ، للذين جعلوا للّه ولدا ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له كفوا أحد . { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } لذلك الولد ، لأنه جزء من والده ، وأنا أول الخلق انقيادا للأمور المحبوبة للّه ، ولكني أول المنكرين لذلك ، وأشدهم له نفيا ، فعلم بذلك بطلانه ، فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل ، وأنه إذا علم أنهم أكمل الخلق ، وأن كل خير فهم أول الناس سبقا إليه وتكميلا له ، وكل شر فهم أول الناس تركا له وإنكارا له وبعدا منه ، فلو كان على هذا للرحمن ولد وهو الحق ، لكان محمد بن عبد اللّه ، أفضل الرسل أول من عبده ، ولم يسبقه إليه المشركون .

ويحتمل أن معنى الآية : لو كان للرحمن ولد ، فأنا أول العابدين للّه ، ومن عبادتي للّه ، إثبات ما أثبته ، ونفي ما نفاه ، فهذا من العبادة القولية الاعتقادية ، ويلزم من هذا ، لو كان حقا ، لكنت أول مثبت له ، فعلم بذلك بطلان دعوى المشركين وفسادها ، عقلا ونقلا .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

{ قل إن كان للرحمن ولد } الآية معناها إن كنتم تزعمون أن للرحمن ولدا فأنا أول الموحدين لأن من عبد الله واعترف بأنه الهه فقد دفع أن يكون له ولد وقيل { فأنا أول العابدين } الآنفين من هذا القول

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

قوله تعالى : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " اختلف في معناه ، فقال ابن عباس والحسن والسدي : المعنى ما كان للرحمن ولد ، ف " إن " بمعنى ما ، ويكون الكلام على هذا تاما ، ثم تبتدئ : " فأنا أول العابدين " أي الموحدين من أهل مكة على أنه لا ولد له . والوقف على " العابدين " تام . وقيل : المعنى قل يا محمد إن ثبت لله ولد فأنا أول من يعبد ولده ، ولكن يستحيل أن يكون له ولد ، وهو كما تقول لمن تناظره : إن ثبت بالدليل فأنا أول من يعتقده ، وهذا مبالغة في الاستبعاد ، أي لا سبيل إلى اعتقاده . وهذا ترقيق في الكلام ، كقوله : " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " {[13695]} [ سبأ : 24 ] . والمعنى على هذا : ترقيق في الكلام ، كقول : " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " [ سبأ : 24 ] . والمعنى على هذا : فأنا أول العابدين لذلك الولد ، لأن تعظيم الولد تعظيم للوالد . وقال مجاهد : المعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده وحده ، على أنه لا ولد له . وقال السدي أيضا : المعنى لو كان له ولد كنت أول من عبده على أن له ولدا ، ولكن لا ينبغي ذلك . قال المهدوي : ف " إن " على هذه الأقوال للشرط ، وهو الأجود ، وهو اختيار الطبري ، لأن كونها بمعنى ما يتوهم معه أن المعنى لم يكن له فيما مضى . وقيل : إن معنى " العابدين " الآنفين . وقال بعض العلماء : لو كان كذلك لكان العبدين . وكذلك قرأ أبو عبد الرحمن واليماني " فأنا أول العبدين " بغير ألف ، يقال : عبد يعبد عبدا ( بالتحريك ) إذا أنف وغضب فهو عبد ، والاسم العبدة مثل الأنفة ، عن أبي زيد . قال الفرزدق :

أولئك أجْلاسِي فجئني بمثلهم *** وأعْبَدُ أن أهجو كليبًا بدارم

وينشد أيضا :

أولئك ناس إن هجوني هجوتهم *** وأعْبَدُ أن يُهجى كليبٌ بدارمِ

قال الجوهري : وقال أبو عمرو وقوله تعالى : " فأنا أول العابدين " من الأنف والغضب ، وقاله الكسائي والقتبي ، حكاه الماوردي عنهما . وقال الهروي : وقوله تعالى : " فأنا أول العابدين " قيل هو من عبد يعبد ، أي من الآنفين . وقال ابن عرفة : إنما يقال عبد يعبد فهو عبد ، وقلما يقال عابد ، والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ ، ولكن المعنى فأنا أول من يعبد الله عز وجل على أنه واحد لا ولد له .

وروي أن امرأة دخلت على زوجها فولدت منه لستة أشهر ، فذكر ذلك لعثمان رضي الله عنه فأمر برجمها ، فقال له علي : قال الله تعالى : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " [ الأحقاف :15 ] وقال في آية أخرى : " وفصاله في عامين " [ لقمان : 14 ] فوالله ما عَبِد عثمان أن بعث إليها تُرَدُّ . قال عبد الله بن وهب : يعني ما استنكف ولا أنف . وقال ابن الأعرابي " فأنا أول العابدين " أي الغضاب الآنفين وقيل : " فأنا أول العابدين " أي أنا أول من يعبده على الوحدانية مخالفا لكم . أبو عبيدة : معناه الجاحدين ، وحكى : عبدني حقي أي جحدني . وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما " ولد " بضم الواو وإسكان اللام . الباقون وعاصم " ولد " وقد تقدم{[13696]} .


[13695]:آية 24 سورة سبأ. راجع ج 14 ص 298.
[13696]:راجع ج 11 ص 155.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

ولما تقدم أول السورة تبكيتهم والتعجيب منهم في ادعائهم لله ولداً من الملائكة وهددهم بقوله { ستكتب شهادتهم ويسألون } وذكر شبههم في قولهم { لو شاء الرحمن ما عبدناهم } وجهلهم فيها بقوله { ما لهم بذلك من علم } ونفى أن يكون لهم على ذلك دليل سمعي بقوله منكراً موبخاً { أم آتيناهم كتاباً } ومر في توهية أمرهم في ذلك وغيره بما لاحم بعضه بعضاً على ما تقدم إلى أن تمم نفي الدليل السمعي على طريق النشر المشوش بقوله تعالى { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } ، ونظم به ما أتى به رسوله أهل الكتاب مما يصدق ما أتى به كتابنا من التوحيد وما هدد به من أعرض عنه إلى أن أخبر أنه الحق الذي لا زوال أصلاً لشيء منه ، وأن رسله سبحانه تكتب جميع أعمالهم من شهادتهم في الملائكة وغيرها ، أعاد الكلام في إبطال شبهتهم في أن عبادتهم لهم لو كانت ممنوعة لم يشأها الذي له عموم الرحمة لأن عموم رحمته يمنع على زعمهم مشيئة ما هو محرم ، فقال بعد أن نفى قوله { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } أن يكون لهم دليل سمعي على أحد من رسله عليهم الصلاة والسلام : { قل إن كان للرحمن } أي العام الرحمة { ولد } على ما زعمتم ، والمراد به الجنس لادعائهم في الملائكة ، وغيرهم في غيرهم ، وقراءة حمزة والكسائي بضم ثم سكون على أنه جمع على إرادة الكثرة . ولما كان المعنى : فأنا ما عبدت ذلك الولد ولا أعبده ، ولو شاء الرحمن ما تركت عبادته ، ولكنه شاء تركي لها وشاء فعلكم لها ، فإحداهما قطعاً مشيئة للباطل ، وإلا لاجتمع النقيضان بأن يكون الشيء حقاً باطلاً في حال واحد من وجه واحد ، وهو بديهي الاستحالة ، فبطلت شبهتكم بدليل قطعي - هكذا كان الأصل ، ولكنه عدل عنه إلى ما يفيد معناه وزيادة أنه يعبد الله مخلصاً ولا يعبد غيره ، وأنه لا يستحق اسم العبادة إلا ما كان له خالصاً ، فقال : { فأنا } أي في الرتبة { أول العابدين * } للرحمن ، العبادةَ التي هي العبادة ولا يستحق غيرها أن يسمى عبادة وهي الخالصة ، أي فأنا لا أعبد غيره لا ولداً ولا غيره ، ولم يشأ الرحمن لي أن أعبد الولد ، أو يكون المعنى : أنا أول العابدين للرحمن على وجه الإخلاص ، لم أشرك به شيئاً أصلاً في وقت من الأوقات مما سميتموه ولداً أو شريكاً أو غيره ، ولو شاء ما عبدته على وجه الإخلاص ، ولا شك عندكم وعند غيركم أن من أخلص لأحد كان أولى من غيره برحمة ، فلو أن الإخلاص له ممنوع ما شاء لي ، ولولا أن عبادة غيره ممنوعة لشاءها لي ، ولو أن له ولداً لشاء لي عبادته ، فإن عموم رحمته لكافة خلقه لكونهم خلقه وخصوصها بي لكوني عبده خالصاً له يمنع على زعمكم من أن يشقيني وأنا أخلص له ، فبطلت شبهتكم بمثلها بل أقوى منها ، وهذا مما علق بشيء هو بنقيضه أولى ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن " أن " نافية بمعنى : ما ينبغي أي ما كان له ولد ، فإني أول من عبده رتبة وما علمت له ولداً ، ولو كان له ولد لعلمته فعبدته تقرباً إليه بعبادة ولده .