تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

وبعد ذلك يذكر مكان حلول الوعيد بقوله :

{ يوم نقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد ؟ }

وهذا يقال تقريعاً للكافرين إذ تطلب جهنمُ المزيدَ منهم .

قراءات :

قرأ نافع وأبو بكر : يوم يقول لجهنم . . . . بالياء . والباقون : نقول بالنون .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ يوم نقول لجهنم هل امتلأت } وهذا استفهام تحقيق وذلك أن الله عز وجل وعدها أن يملأها فلما ملأها قال لها { هل امتلأت وتقول هل من مزيد } أي هل بقي في موضع لم يمتلىء أي قد امتلأت

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

قوله تعالى : " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " قرأ نافع وأبو بكر " يوم يقول " بالياء اعتبارا بقوله : " لا تختصموا لدي " . الباقون بالنون على الخطاب من الله تعالى وهي نون العظمة{[14176]} . وقرأ الحسن " يوم أقول " . وعن ابن مسعود وغيره " يوم يقال " . وانتصب " يوم " علي معنى ما يبدل القول لدي يوم . وقيل : بفعل مقدر معناه : وأنذرهم " يوم نقول لجهنم هل امتلأت " لما سبق من وعده إياها أنه يملؤها . وهذا الاستفهام على سبيل التصديق لخبره ، والتحقيق لوعده ، والتقريع لأعدائه ، والتنبيه لجميع عباده . " وتقول " جهنم " هل من مزيد " أي ما بقي في موضع للزيادة ، كقوله عليه السلام : ( هل ترك لنا عقيل من ربع أومنزل ) أي ما ترك ، بمعنى الكلام الجحد . ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة ، أي هل من مزيد فأزداد ؟ وإنما صلح هذا للوجهين ؛ لأن في الاستفهام ضربا من الجحد . وقيل : ليس ثم قول وإنما هو على طريق ، المثل ، أي إنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك ، كما قال الشاعر :

امتلأَ الحوض وقال قَطْنِي *** مهلاً رُوِيْداً قد ملأتَ بَطْنِي

وهذا تفسير مجاهد وغيره . أي هل في من مسلك قد امتلأت . وقيل : ينطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح . وهذا أصح على ما بيناه في سورة " الفرقان{[14177]} " وفي صحيح مسلم والبخاري والترمذي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي{[14178]} بعضها إلى بعض وتقول : قط قط بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) لفظ مسلم . وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة : ( وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله عليها رجله يقول لها قط قط ، فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض فلا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا ) .

قال علماؤنا رحمهم الله : أما معنى القدم هنا فهم قوم يقدمهم الله إلى النار ، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار . وكذلك الرجل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم ، يقال :رأيت رِجْلا من الناس ورِجْلا من جراد ، فال الشاعر :

فَمَرّ بنا رِجْلٌ من الناس وانزَوَى *** إليهم من الحي اليماني أَرْجُلُ

قبائلُ من لَخْمٍ وعُكْلٍ وحِمْيَرٍ *** على ابني نِزَارٍ بالعداوة أَحْفَلُ

وبين هذا المعنى ما روي عن ابن مسعود أنه قال : ما في النار بيت ولا سلسلة ولا مقمع ولا تابوت إلا وعليه اسم صاحبه ، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذي قد عرف اسمه وصفته ، فإذا استوفى كل واحد منهم{[14179]} ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد قال الخزنة : قط قط حسبنا حسبنا ! أي اكتفينا اكتفينا ، وحينئذ تنزوي جهنم على من فيها وتنطبق إذ لم يبق أحد ينتظر . فعبر عن ذلك الجمع المنتظر بالرجل والقدم ، ويشهد لهذا التأويل قوله في نفس الحديث : ( ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) وقد زدنا هذا المعنى بيانا ومهدناه في كتاب الأسماء والصفات من الكتاب الأسنى والحمد لله . وقال النضر بن شميل في معنى قوله عليه السلام : ( حتى يضع الجبار فيها قدمه ) أي من سبق في علمه أنه من أهل النار .


[14176]:في ن، هـ: "التعظيم".
[14177]:راجع جـ 13 ص 10.
[14178]:ينزوي بعضها إلى بعض: أي تنقبض على من فيها، وتشتغل بعذابهم، وتكف عن سؤال هل من مزيد. (هامش مسلم).
[14179]:الزيادة من ن.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ وتقول هل من مزيد } الفعل مسند إلى جهنم ، وقيل : إلى خزنتها من الملائكة ، والأول أظهر واختلف هل تتكلم جهنم حقيقة أو مجازا بلسان الحال ، والأظهر أنه حقيقة وذلك على الله يسير ، ومعنى قولها : { هل من مزيد } إنما تطلب الزيادة وكانت لم تمتلئ وقيل : معناه لا مزيد أي : ليس عندي موضع للزيادة فهي على هذا قد امتلأت والأول أظهر وأرجح ، لما ورد في الحديث " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يلقي فيها الجبار قدمه " ، وفي الحديث كلام ليس هذا موضعه ، والمزيد يحتمل أن يكون مصدرا كالمحيض أو اسم مفعول فإن كان مصدرا فوزنه مفعل وإن كان اسم مفعول فوزنه مفعول .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

ولما كان هذا التقاول مما يهول أمره ويقلع القلوب ذكره ، صور وقته بصورة تزيد في ذلك الهول ، وينقطع دون وصفها القول ، ولا يطمع في الخلاص منها بقوة ولا حول ، فقال ما معناه : يكون-{[61218]} هذا كله { يوم } ولما كان المقصود الإعلام بأن النار كبيرة مع ضيقها ، فهي تسع من الخلائق ما لا يقع{[61219]} تحت حصر ، وأنها مع كراهتها لمن يصلاها وتجهمها لهم تحب تهافتهم فيها وجلبهم{[61220]} إليها عبر عنه على طريق الكناية بقوله : { نقول } أي على ما لنا من العظمة التي لا-{[61221]} يسوغ لشيء{[61222]} أن يخفى عنها { لجهنم } دار العذاب مع الكراهة والعبوسة والتجهم إظهاراً للهول بتصوير الأمر المهدد به ، وتقريع الكفار ، وتنبيه من يسمع هذا الخبر عن هذا السؤال من الغفلة : { هل امتلأت } فصدق قولنا

{ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }[ هود : 119 ] وذلك بعد أن يلقى فيها من الخلائق ما لا يحيط به الوصف ، فتقول : لا ، { وتقول } طاعة لله ومحبة في عذاب أعدائه وإخباراً بأنها لم تمتلىء لأن النار من شأنها أنها كلما زيدت حطباً زادت لهباً : { هل من مزيد * } أي زيادة أو شيء من العصاة إزادة ، سواء {[61223]}كان كثيراً أو قليلاً{[61224]} ، فإني أسع ما يؤتى به إليّ ولا تزال كذلك كما ورد في الحديث " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه " أي يضربها من جبروته بسوط إهانة فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط وعزتك ، ثم يستمرون بين دولتي الحر والزمهرير ، وقد جعل الله سبحانه لذلك آية في هذه الدار باختلاف الزمان في الحر والبرد ، فإذا أفرط الحر جاءت رحمته تعالى بالبرد وبالماء من السماء فامتزجا معاً فكان التوسط ، وإذا أفرط البرد جاءت رحمته-{[61225]} بالحر بواسطة الشمس ، فامتزج الموجدان ، فكان له توسط ، وكل ذلك له-{[61226]} دوائر موزونة بأقساط مقسطة معلومة بتقدير العزيز العليم - ذكر ذلك ابن برجان .


[61218]:زيد من مد.
[61219]:في مد: يدخل.
[61220]:من مد، وفي الأصل: حبلهم.
[61221]:زيد من مد.
[61222]:من مد، وفي الأصل: منها.
[61223]:من مد، وفي الأصل: قليلا أم كثيرا.
[61224]:من مد، وفي الأصل: قليلا أم كثيرا.
[61225]:زيد من مد.
[61226]:زيد من مد.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد }

{ يوم } ناصبه ظلاًم { نقول } بالنون والياء { لجهنم هل امتلأت } استفهام لوعده بمثلها { وتقول } بصورة الاستفهام كالسؤال { هل من مزيد } أي لا أسع غير ما امتلأت به ، أي قد امتلأت .