الأولى- لما تقدم أنه سبحانه يبسط الرزق لمن يشاء{[12511]} ويقدر أمر من وسع عليه الرزق أن يوصل إلى الفقير كفايته ليمتحن شكر الغني . والخطاب للنبي عليه السلام والمراد هو وأمته ؛ لأنه قال : " ذلك خير للذين يريدون وجه الله " . وأمر بإيتاء ذي القربى لقرب رحمه ، وخير الصدقة ما كان على القريب ، وفيها صلة الرحم . وقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب ، فقال لميمونة وقد أعتقت وليدة : ( أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك ) .
الثانية- واختلف في هذه الآية ، فقيل : إنها منسوخة بآية المواريث . وقيل : لا نسخ ، بل للقريب حق لازم في البر على كل حال ، وهو الصحيح . قال مجاهد وقتادة : صلة الرحم فرض من الله عز وجل ، حتى قال مجاهد : لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة . وقيل : المراد بالقربى أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم . والأول أصح ، فإن حقهم مبين في كتاب الله عز وجل في قوله : " فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى{[12512]} " [ الأنفال : 41 ] . وقيل : إن الأمر بالإيتاء لذي القربى على جهة الندب . قال الحسن : " حقه " المواساة في اليسر ، وقول ميسور في العسر . " والمسكين " قال ابن عباس : أي أطعم السائل الطواف ، " وابن السبيل " الضيف ، فجعل الضيافة فرضا ، وقد مضى جميع هذا مبسوطا مبينا في مواضعه{[12513]} والحمد لله .
الثالثة- قوله تعالى : " ذلك خير للذين يريدون وجه الله " أي إعطاء الحق أفضل من الإمساك إذا أريد بذلك وجه الله والتقرب إليه . " وأولئك هم المفلحون " أي الفائزون بمطلوبهم من الثواب في الآخرة . وقد تقدم في " البقرة " {[12514]} القول فيه .
قوله تعالى : { فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 38 ) وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ( 39 ) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والمسلمين بإيتاء أولي القربى من الأهل وذوي الأرحام من البر والإحسان والصلة ؛ فهؤلاء يجب البر بهم ببذل المال لهم إن كان ذلك مستطاعا . أما صلتهم فإنها واجبة في كل حال إلا لعذر من مرض أو خوف أو فتنة ؛ فإنه لا يقطع صلة الأرحام متعمدا إلا كل خاسر أثيم .
وقد أوجب الله كذلك إعطاء المسكين من مال الله . والمسكين ، الذي لا يجد شيئا يقتاته أو ينفقه على نفسه وعياله أو كان يملك القليل النزر الذي لا يكفيه ولا يسد خلته ، وكذلك أوجب إعطاء ابن السبيل : وهو المسافر المنقطع عن أهله ووطنه وقد أعوزته البُلغة من العيش أو ما ينفقه على نفسه
قوله : { ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ } الإشارة إلى الإحسان والبر بذي القربى والمسكين والمسافر ؛ فإن ذلك خير للذين يقصدون وجه الله ويبتغون الفوز والنجاة في الآخرة .
قوله : { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أي الفائزون بخير العاقبة وحسن المصير في الدنيا والآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.