فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (38)

{ فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون38 وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون39 }

فأعط أيها النبي ، وكل مكلف ، وكل سامع ، وابذل حق ذوي قرابتك ، وحق من ضاقت يده عما يحتاج إليه ، وحق المسافر المنقطع عن أهله وماله ، ذلك البذل والوفاء بهذا الحق خير لمن يقصد مثوبة الله ورضاه ، وسلوك المنهاج الذي يبلغه السعادة في أولاه وأخراه- أو النظر إليه يوم القيامة وهو الغاية القصوى-{[3358]} ، والذين يوفون بعهد الله هذا هم الرابحون الناجحون في العاجل والآجل ، [ لما بيّن كيفية التعظيم لأمر الله أشار إلى الشفقة على خلق الله . . . وفيه أن الله إذا بسط الرزق فلا ينقص بالإنفاق ، وإذا ضيق لم يزدد بالإمساك ، فينبغي أن لا يتوقف الإنسان في الإحسان ، وفي تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر دلالة على أنهم أولى بالإشفاق عليهم من سائر الأصناف . . . { للذين يريدون وجه الله } أي ذاته أو جهة قربته . . ]{[3359]} ، مما أورد صاحب[ الجامع لأحكام القرآن . . ] : . . أمر من وسع عليه الرزق أن يوصل إلى الفقير كفايته ليمتحن شكر الغني ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد : هو وأمته . . وقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب ، فقال لميمونة وقد أعتقت وليدة : " أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك " . . قال مجاهد وقتادة : صلة الرحم فرض من الله عز وجل ، حتى قال مجاهد : لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة . . قال الحسن : { حقه } المواساة في اليسر ، وقول ميسور في العسر ، { والمسكين } قال ابن عباس : أي أطعم السائل الطواف ، { وابن السبيل } الضيف ، فجعل الضيافة فرضا ، [ . . لما ذكر أن السيئة أصابتهم بما قدمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك ، وحاصله . . أن امتثال أوامره تعالى مجلبة رضاه ، والحياة الطيبة تتبعه ، كما أن عصيانه سبحانه مجلبة سخطه ، والجدب والضيق من روادفه ، فإذا استبان ذلك فآت يا محمد ومن تبعه . . . .

إذا جاءت الدنيا عليك فجد بها *** على الناس طرا إنها تتقلب

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت *** ولا البخل يبقيها إذا هي تدبر

. . . وحمل ذلك بعضهم على الزكاة المفروضة ، وتعقب بأن السورة مكية ، والزكاة إنما فرضت بالمدينة ، واستثناء هذه الآية ودعوى أنها مدنية يحتاج إلى نقل صحيح . . والمراد بالحق المصرح به في ذي القربى : صلة الرحم بأنواعها ، وبالحق المعتبر في جانب المسكين وابن السبيل : صدقة كانت مفروضة قبل الزكاة . . ]{[3360]}


[3358]:ما بين العارضتين مما أورد ابن كثير.
[3359]:مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن.
[3360]:ما بين العلامتين[ ] مما نقل الألوسي.