غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (38)

قال جار الله : لما ذكر أن السيئة أصابتهم بما قدمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك قائلاً : { فآت ذا القربى حقه } الآية . وأقول : لما بين كيفية التعظيم لأمر الله أشار إلى الشفقة على خلق الله قائلاً { فآت } أيها المكلف أو النبي والأمة يتبعونه لا محالة كما مر في قوله { فأقم وجهك } [ الروم : 30 ] وفيه أن الله إذا بسط الرزق فلا ينقص بالإِنفاق ، وإذا ضيق لم يزدد بالإمساك ، فينبغي أن لا يتوقف الإنسان في الإحسان . وفي تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر دلالة على أنهم أولى بالإشفاق عليهم من سائر الأصناف . وإنما قال { ذا القربى } ولم يقل " القريب " ليكون نصاً في معناه ولا يشتبه بالقرب المكاني ، وفيه أن القرابة أمر له دوام بخلاف المسكنة وكونه من أبناء السبيل . وفي قوله { فآت ذا القربى حقه } دون أن يقول " فآت هذه الأصناف حقوقهم " تشريف لذوي القرابة حيث جعل الصنفين الآخرين تابعاً لهم على الإطلاق . فإنه إذا قال الملك : خل فلاناً يدخل وفلاناً أيضاً كان أدخل في التعظيم من أن يقول : خل فلاناً وفلاناً يدخلان { ذلك } الإيتاء { خير } في نفسه أو خير من المنع { للذين يريدون وجه الله } أي ذاته أو جهة قربته فإن من أنفق ألوفاً رياء وسمعة لم ينل درجة من أنفق رغيفاً لوجه الله { وأولئك هم المفلحون } كقوله في أول " البقرة " لأن قوله فأقم وجهك } [ الروم : 30 ] إشارة إلى الإيمان بالغيب وغيره أو إلى إقامة الصلاة ، وقوله { وآت ذا القربى } أمر بالزكاة بل بالصدقة المطلقة . وفي قوله { يريدون وجه الله } إشارة إلى الاعتراف بالمعاد .

/خ33