" وزخرفا " الزخرف هنا الذهب ، عن ابن عباس وغيره . نظيره : " أو يكون لك بيت من زخرف " [ الإسراء : 93 ] وقد تقدم{[13635]} . وقال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث . وقال الحسن : النقوش ، وأصله الزينة . يقال : زخرفت الدار ، أي زينتها . وتزخرف فلان ، أي تزين . وانتصب " زخرفا " على معنى وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا . وقيل : ينزع الخافض ، والمعنى فجعلنا لهم سقفا وأبوابا وسررا من فضة ومن ذهب ، فلما حذف " من " قال : " وزخرفا " فنصب . " وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا " قرأ عاصم وحمزة وهشام عن ابن عامر " وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا " بالتشديد . الباقون بالتخفيف ، وقد ذكر هذا . وروي عن أبي رجاء كسر اللام من " لما " ، ف " ما " عنده بمنزلة الذي ، والعائد عليها محذوف ، والتقدير : وإن كل ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا ، وحذف الضمير ها هنا كحذفه في قراءة من قرأ " مثلا ما بعوضة فما فوقها " {[13636]} [ البقرة : 26 ] و " تماما على الذي أحسن " {[13637]} [ الأنعام : 154 ] . أبو الفتح : ينبغي أن يكون " كل " على هذه القراءة منصوبة ؛ لأن " إن " مخففة من الثقيلة ، وهي إذا خففت وبطل عملها لزمتها اللام في آخر الكلام للفرق بينها وبين " إن " النافية التي بمعنى ما ، نحو إن زيد لقائم ، ولا لام هنا سوى الجارة . " والآخرة عند ربك للمتقين " يريد الجنة لمن اتقى وخاف . وقال كعب : إني لأجد في بعض كتب الله المنزلة : لولا أن يحزن عبدي المؤمن لكللت رأس عبدي الكافر بالإكليل ، ولا يتصدع ولا ينبض منه عرق بوجع . وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ] . وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ) . وفي الباب عن أبي هريرة ، وقال : حديث حسن غريب . وأنشدوا :
فلو كانت الدنيا جزاءً لمحسن *** إذاً لم يكن فيها معاشٌ لظالمِ
لقد جاع فيها الأنبياءُ كرامةً *** وقد شبِعَتْ فيهَا بطونُ البهائمِ
تمتع من الأيام إن كنت حازما *** فإنك فيها بين ناهٍ وآمرِ
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه *** فما فاته منها فليس بضائرِ
فلا تَزِنُ الدنيا جناحَ بعوضة *** ولا وزن رَقّ من جناح لطائر
قوله : { وزخرفا } منصوب بفعل مقدر ، وتقديره : وجعلنا لهم زخرفا{[4136]} والزخرف الذهب . ثم يشبّه به كل مموه مزور . والمزخرف معناه المزين {[4137]} وقال ابن العربي " معنى الآية : أن الدنيا عند الله تعالى من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفار ودرجها وأبوابها ذهبا وفضة لولا غلبة حب الدنيا على القلوب فيحمل ذلك على الكفر . قوله : { وإن كل ذلك لماّ متاع الحياة الدنيا } { إن } ، المخففة بمعنى ما . و { لماّ } المشددة بمعنى إلا . يعني : وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا{[4138]} .
قوله : { والآخرة عند ربّك للمتّقين } جعل الله الجزاء العظيم في الآخرة للمؤمنين المتقين الذين اجتنبوا الشرك والمعاصي وأخلصوا دينهم لله ، فأطاعوه وأنابوا إليه خاشعين مذعنين والتزموا شرعه ومنهاجه . لا جرم أن الدار الآخرة لهي دار البقاء والقرار . الدار التي لا يفنى نعيمها ولا يزول{[4139]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.