غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ} (35)

31

والزخرف الزينة أي جعلنا لهم زينة عظيمة في كل باب . وقيل : الذهب أي جعلنا لهم مع ذلك ذهباً كثيراً . أو وجه آخر على هذا التفسير وهو أن يكون معطوفاً على قوله { من فضة } إلا أنه نصب بنزع الخافض أي بعضها من فضة وبعضها من ذهب . والحاصل أنه سبحانه إن وسع على الكافرين كل التوسعة أطبق الناس على الكفر لحبهم الدنيا وتهالكهم عليها مع حقارة الدنيا عند الله تعالى ، وفي معناه قول نبينا صلى الله عليه وسلم : " لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " وإنما لم يوسع على المسلمين كلهم لتكون رغبة الناس في الإسلام لمحض الإخلاص لا لأجل الدنيا . ثم بشر المؤمنين بقوله { وإن كل ذلك } إلى آخره . قالت المعتزلة : في الآية دلالة على أن اللطف من الله تعالى واجب ، وفيه أنه تعالى لما لم يفعل بالناس التوسعة لئلا يجتمعوا على الكفر ، فلأن لا يخلق فيهم الكفر أولى . والجواب أن وقوع كل الناس في طريق القهر محذور ، وأما وقوع البعض فضروري كما مر في أول البقرة ، فشتان بين الممتنع الوجود والضروري الوجود فكيف يقاس أحدهما على الآخر ؟ ثم بين أن مادة كل الآفات وأصل جميع البليات هو السكون إلى الدنيا والركون إلى أهلها فإن ذلك بمنزلة الرمد للبصر .

/خ56