فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ} (35)

والزخرف : الذهب . وقيل : الزينة أعمّ من أن تكون ذهباً أو غيره . قال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث . وقال الحسن : النقوش ، وأصله الزينة ، يقال : زخرفت الدار أي : زينتها ، وانتصاب { زخرفاً } بفعل مقدّر ، أي وجعلنا لهم مع ذلك زخرفاً ، أو بنزع الخافض ، أي أبواباً وسرراً من فضة ومن ذهب ، فلما حذف الخافض انتصب . ثم أخبر سبحانه أن جميع ذلك إنما يتمتع به في الدنيا ، فقال : { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا متاع الحياة الدنيا } قرأ الجمهور : { لما } بالتخفيف ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، وهاشم عن ابن عامر بالتشديد . فعلى القراءة الأولى تكون إن هي المخففة من الثقيلة ، وعلى القراءة الثانية هي النافية ، و{ لما } بمعنى إلاّ ، أي : ما كل ذلك إلاّ شيء يتمتع به في الدنيا . وقرأ أبو رجاء بكسر اللام من { لما } على أن اللام للعلة ، وما موصولة ، والعائد محذوف ، أي : للذي هو متاع { والآخرة عِندَ رَبّكَ لِلْمُتَّقِينَ } أي : لمن اتقى الشرك والمعاصي ، وآمن بالله وحده ، وعمل بطاعته ، فإنها الباقية التي لا تفنى ، ونعيمها الدائم الذي لا يزول .

/خ35