قوله تعالى : " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " نزلت في قوم أقروا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها ، وهم يعبدون الأوثان ، قاله الحسن ، ومجاهد وعامر الشعبي وأكثر المفسرين . وقال عكرمة هو قوله : " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله{[9297]} " [ الزخرف : 87 ] ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أندادا ، ودعن الحسن أيضا : أنهم أهل كتاب معهم شرك وإيمان ، آمنوا بالله وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فلا يصح إيمانهم ، حكاه ابن الأنباري . وقال ابن عباس : نزلت في تلبية مشركي العرب : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . وعنه أيضا أنهم النصارى . وعنه أيضا أنهم المشبهة ، آمنوا مجملا وأشركوا مفصلا . وقيل : نزلت في المنافقين ، المعنى : " وما يؤمن أكثرهم بالله " أي باللسان إلا وهو كافر بقلبه ، ذكره الماوردي عن الحسن أيضا . وقال عطاء : هذا في الدعاء ، وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ، بيانه : " وظنوا أنهم أحيط بهم{[9298]} " [ يونس : 22 ] الآية . وقوله : " وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه{[9299]} " [ يونس : 12 ] الآية . وفي آية أخرى : " وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض{[9300]} " [ فصلت : 51 ] . وقيل : معناها أنهم يدعون الله ينجيهم من الهلكة ، فإذا أنجاهم قال قائلهم : لولا فلان ما نجونا ، ولولا الكلب لدخل علينا اللص ، ونحو هذا ، فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان ، ووقايته منسوبة إلى الكلب .
قلت : وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وقيل : نزلت هذه الآية في قصة الدخان ، وذلك أن أهل مكة لما غشيهم الدخان في سني القحط قالوا : " ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون{[9301]} " [ الدخان : 12 ] فذلك إيمانهم ، وشركهم عودهم إلى الكفر بعد كشف العذاب ، بيانه قوله : " إنكم عائدون " [ الدخان : 15 ] والعود لا يكون إلا بعد ابتداء ، فيكون معنى : " إلا وهم مشركون " أي إلا وهم عائدون إلى الشرك{[9302]} ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.