البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ} (106)

وهم مشركون جملة حالية أي : إيمانهم ملتبس بالشرك .

وقال ابن عباس : هم أهل الكتاب ، أشركوا بالله من حيث كفروا بنبيه ، أو من حيث ما قالوا في عزير والمسيح .

وقال عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد : هم كفار العرب أقروا بالخالق الرازق المحيي المميت ، وكفروا بعبادة الأوثان والأصنام .

وقال ابن عباس : هم الذين يشبهون الله بخلقه .

وقيل : هم أهل مكة قالوا : لله ربنا لا شريك له ، والملائكة بناته ، فأشركوا ولم يوحدوا .

وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ، وقتادة أيضاً ذلك في تلبيتهم يقولون : لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك تملكه وما ملك .

وفي الحديث كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع أحدهم يقول : لبيك لا شريك لك يقول له : «قط قط » أي قف هنا ولا تزد إلا شريك هو لك .

وقيل : هم الثنوية قالوا بالنور والظلمة .

وقال عطاء : هذا في الدعاء ينسى الكفار ربهم في الرخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء .

وقيل : هم المنافقون ، جهروا بالإيمان وأخفوا الكفر .

وقيل : على بعض اليهود عبدوا عزيراً ، والنصارى عبدوا عيسى .

وقيل : قريش لما غشيهم الدخان في سني القحط قالوا : إنا مؤمنون ، ثم عادوا إلى الشرك بعد كشفه .

وقيل : جميع الخلق مؤمنهم بالرسول وكافرهم ، فالكفار تقدم شركهم ، والمؤمنون فيهم الشرك الخفي ، وأقربهم إلى الكفر المشبهة .

ولذلك قال ابن عباس : آمنوا محملاً ، وكفروا مفصلاً .

وثانيها من يطيع الخلق بمعصية الخالق ، وثالثها من يقول : نفعني فلان وضرّني فلان .