اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ} (106)

قوله { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } والمعنى : أنَّهم كانوا مقرِّين بوجود الإله ، قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } [ الزمر : 38 ] إلا أنَّهم كانوا [ يُثْبِتُون ] له شريكاً في العبودية .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت في تلبية المشريكن من العرب ، كانوا يقولون : " لَبِّيكَ اللَّهُمَّ لبَّيْكَ ، لبَّيْكَ لا شريكَ لَكَ إلاَّ شرِيكاً هو لَكَ تمْلِكهُ ومَا مَلَك " .

وعن عطاء رضي الله عنه هذا في الدعاء ، قال تعالى : { وظنوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } [ يونس : 22 ] { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [ العنكبوت : 65 ] .

وعن ابن عبَّاس : إن أهل مكة قالوا : الله ربَّنا لا شريك له ، والملائكة بناتُه ، فلم يوحِّدوا بل أشركوا ، وقالت اليهود : ربُّنا الله وحده ، وعزيزٌ ابن الله ، وقالت النصارى : الله وحده ، والمسيح ابن الله .

واحتجت الكرامية بهذه الآية على أن الإيمان : عبارة عن الإقرار باللسان فقط ؛ لأنه تعالى حكم بكونهم مؤمنين مع أنَّهم مشركون ، وذلك يدلُّ على أن الإيمان عبارةٌ عن مجرَّد الإقرار ، وجوابه معلُوم .