بين الله تعالى عظيم منته عليهم ببعثه محمدا صلى الله عليه وسلم . والمعنى في المنة فيه أقوال : منها أن يكون معنى " بشر مثلهم " أي بشر مثلهم . فلما أظهر البراهين وهو بشر مثلهم علم أن ذلك من عند الله . وقيل : " من أنفسهم " منهم . فشرفوا به صلى الله عليه وسلم ، فكانت تلك المنة . وقيل : " من أنفسهم " ليعرفوا حاله ولا تخفى عليهم طريقته . وإذا كان محله فيهم هذا كانوا أحق بأن يقاتلوا عنه ولا ينهزموا دونه . وقرئ في الشواذ{[3662]} " من أنفسهم " ( بفتح الفاء ) يعني من أشرفهم ؛ لأنه من بني هاشم ، وبنو هاشم أفضل من قريش ، وقريش أفضل من العرب ، والعرب أفضل من غيرهم . ثم قيل : لفظ المؤمنين عام ومعناه خاص في العرب ؛ لأنه ليس حي من أحياء العرب إلا وقد ولده صلى الله عليه وسلم ، ولهم فيه نسب ، إلا بني تغلب فإنهم كانوا نصارى فطهره الله من دنس النصرانية . وبيان هذا التأويل قوله تعالى : " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " {[3663]} [ الجمعة : 2 ] . وذكر أبو محمد عبدالغني قال : حدثنا أبو أحمد البصري{[3664]} حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي أبو بكر المروزي حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن عبد الله بن سليمان النوفلي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها : " لقد مّن الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم " قالت : هذه للعرب خاصة . وقال آخرون : أراد به المؤمنين كلهم . ومعنى " من أنفسهم " أنه واحد منهم وبشر ومثلهم ، وإنما أمتاز عنهم بالوحي ، وهو معنى قوله " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " {[3665]} [ التوبة : 128 ] وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به ، فالمنة عليهم أعظم . وقوله تعالى : " يتلو عليهم " " يتلو " في موضع نصب نعت لرسول ، ومعناه يقرأ . والتلاوة القراءة . " ويعلمهم الكتاب والحكمة " تقدم في ( البقرة ){[3666]} . ومعنى : " وإن كانوا من قبل " أي ولقد كانوا من قبل ، أي من قبل محمد ، وقيل : " إن " بمعنى ما ، واللام في الخبر بمعنى إلا . أي وما كانوا من قبل إلا في ضلال مبين . ومثله " وإن كنتم من قبله لمن الضالين " [ البقرة : 198 ] أي وما كنتم من قبله إلا من الضالين . وهذا مذهب الكوفيين . وقد تقدم في " البقرة " {[3667]} معنى هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.