تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلّٗا كَثِيرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ} (62)

الآية 62 وقوله تعالى : { ولقد أضلّ منكم جيلا كثيرا } يحتمل قوله { أضل } أي أهلك ، وهو ما أهلك من القرون المتقدمة نحو عاد وثمود وقرونا غير ذلك ، والإضلال يكون الإهلاك في اللغة ، ويحتمل على حقيقة الإضلال عن الهدى . ثم هو يخرّج على وجهين :

أحدهما : إن رأيتم ، وعلمتم أنه قد أهلك الله خلقا كثيرا بإبليس بما ضلّوا به ، واستأصلهم لذلك ، فكونوا أنتم يا معشر أهل مكة على حذر منه لئلا ينزل بكم كما نزل بأولئك بضلالهم به ، والله أعلم { أفلم تكونوا تعقلون } أنه فعل ذلك بهم ؟ يخرّج على التعبير والتوبيخ لهم لترك هؤلاء والنظر في أمر أولئك .

والثاني : { جيلا كثيرا } قال بعضهم : جموعا كثيرة . وقال بعضهم : خلقا كثيرا . وقال بعضهم أمما كثيرة ، وكله واحد .

وأصله من قولك : جبلهم على كذا ، أي طبعهم ، ويُقرأ : جُبُلاً وجُبُلاًّ وجِبْلاً وجِبِلاًّ برفع الجيم وخفضها وتشديد اللام{[17530]} .

قال أبو عوسجة : الجِبِلّة الخِلقة .


[17530]:في الأصل وم: والتشديد انظر معجم القراءات القرآنية ج5/217.