لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (58)

الفضل " : الإحسانُ الذي ليس بواجبٍ على فاعله " والرحمة " إرادة النعمة وقيل هي النعمة .

والإحسان على أقسام كذلك النعمة ، ونِعَمُ اللَّهِ أكثر من أَنْ تحْصَى .

ويقال الفضل ما أتاح لهم من الخيرات ، والرحمة ما أزاحَ عنهم من الآفات .

ويقال فضل الله ما أكرمهم من إجراء الطاعات ، ورحمته ما عَصَمَهم به من ارتكاب الزَّلات . ويقال فضل الله دوام التوفيق ورحمته تمام التحقيق .

ويقال فضل الله ما يًُخصُّ به أهل الطاعات من صنوف إحسانه ، ورحمته يخصُّ به أهلَ الزلاَّت من وجوه غفرانه .

ويقال فضل الله الرؤية ، ورحمته إبقاؤهم في حالة الرؤية .

ويقال فضل الله المعرفة في البداية ، ورحمته المغفرةُ في النهاية .

ويقال فضل الله أَنْ أَقَامَكَ بشهود الطلب ، ورحمته أن أشهدك حقَّه بحكم البيان إلى أنْ تراه غداً بكشف العيان .

قوله جلّ ذكره : { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } أي بما أهَّلَهم له ، لا بما يتكلَّفون من حَرَكاتهم وسَكَنَاتهم ، أو يَصِلُونَ إليه بنوعٍ من تكلفهم وتعملهم . { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } : أي ما تُتْحَفُونَ به من الأحوال الزاكية خيرٌ مِمَّا تجمعون من الأموال الوافية .

ويقال الذي لَكَ منه- في سابق القسمة- خيرٌ مما تتكلَّفُه من صنوف الطاعة والخدمة .