معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (58)

وقوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ }

هذه قراءة العامة . وقد ذكر عن زيد بن ثابت أنه قرأ ( فبذلك فلتفرحوا ) أي يا أصحاب محمد ، بالتاء .

وقوله : { هُوَ خَيْرٌ مِّما يَجْمَعُونَ } : يَجْمع الكفار . وقَوّى قولَ زيد أنها في قراءة أبىّ ( فبذلك فافرحوا ) وهو البناء الذي خُلِق للأمر إذا واجهْتَ به أو لم تواجِه ؛ إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجَه لكثرة الأمر خاصَّة في كلامهم ؛ فحذفوا ؛ اللام كما حذفوا التاء من الفعل . وأنت تعلم أن الجازم أو الناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوّله الياء والتاء والنون والألف . فلما حُذِفت التاء ذهبت باللام وأحدثت الألف في قولك : اضرب وافرح ؛ لأن الضاد ساكنة فلم يستقم أن يُستأنف بحرف ساكن ، فأدخلوا ألفا خفيفة يقع بها الابتداء ؛ كما قال : ( ادّارَكوا ) . ( واثّاقَلْتُم ) . وكان الكسائيّ يعيب قولهم ( فلتفرحوا ) لأنه وجده قليلا فجعله عيبا ، وهو الأصل . ولقد سمعت عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في بعض المشاهد ( لتأخذوا مصافّكم ) يريد به خذوا مصافّكم .