لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ} (72)

شَغَلَ الخَلْقَ ؛ لأنَّ الجنس أَوْلَى بالجنس . ولمَّا أراد الحقُّ- سبحانه - بقاء الجنس هَيَّأَ سبب التناسب والتناسل ؛ لاستيفاء مثل الأصل ، ثم مَنَّ على البعض بخلْق البنين ، وابتلى قوماً بالبنات - كلُّ بتقديره على ما يشاء .

قوله جلّ ذكره : { وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } .

والرزق الطيب لعبدٍ ، ما تستطيبه نَفْسُه ، ولآخر ، ما يستطيبه سِرُّه .

فمنهم من يستطيب مأكولاً ومشروباً ، ومنهم من يستطيب خلوةً وصفوة . . . إلى غير ذلك من الأرزاق .

{ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، وهو حسبان حصول شيءٍ من الأغيار ، وتعلُّق القلبِ بهم ، استكفاءً منهم ، أو استدفاعاً لمحذور ، أو استجلاباً لمحبوب .

{ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، والنعمة التي كفروا بها ، هي : الثقةُ بالله ، وانتظارُ الفَرَجِ منه ، وحسنُ التوكل عليه .