لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّـٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (177)

والإشارة أن الظواهِرَ ليس لها كثيرُ اعتبار إنما الخبر عن الله عزيز .

وكثرة الأوراد - وإن جلَّت - فحرفة العجائز ، وإخلاص الطاعات - وإن عزَّ - فصفة العوام ، وَوَصْلُ الليل بالنهار في وظائف كثيرة ومجاهدات غزيرة عظيم الخطر في استحقاق الثواب ، ولكنَّ معرفة الحق عزيزة .

وما ذُكِر في هذه الآية من فنون الإحسان ، ووجوه قضايا الإيمان ، وإيتاء المال ، وتصفية الأعمال ، وصلة الرحم ، والتمسك بفنون الذّمم والعِصَم ، والوفاء بالعهود ، ومراعاة الحدود - عظيم الأثر ، كثير الخطر ، محبوب الحق شرعاً ، ومطلوبه أمراً ، لكنّ قيام الحق عنك بعد فنائك ، وامتحائك مِنْ شاهِدِك ، واستهلاكك في وجود القِدَم ، وتعطل رسومك عن مساكنات إحساسك - أتمُّ وأعلى في المعنى ؛ لأن التوحيد لا يُبقِي رسماً ولا أثراً ، ولا يغادر غَيْراً ولا غَبَراً .