التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّـٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (177)

قوله تعالى{ ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قال : كانت اليهود تقبل قبل المغرب ، وكانت النصارى تقبل قبل المشرق ، فقال الله : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب }

يقول : هذا كلام الإيمان وحقيقة العمل . أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة نحوه .

وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد{ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } ولكن البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله . انظر سورة لقمان آية( 34 ) .

قوله تعالى{ ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه }

قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا هل هذا المصدر مضاف إلى فاعله فيكون الضمير عائدا إلى المال ولكنه ذكر في موضع آخر ما يدل على ان المصدر مضاف إلى فاعله وأن المعنى على حبه أي حب مؤتي المال لذلك المال وهو قوله تعالى{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }ولا يخفى أن بين القولين تلازما في المعنى .

وأخرج الطبري وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن مسعود{ وآتى المال على حبه }أي : يؤتيه وهو صحيح شحيح يأمل العيش ويخشى الفقر .

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك2/272 ) .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرا ؟ قال : " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى " .

( صحيح البخاري-الزكاة ، ب11 رقم 1419 ) ، ( وصحيح مسلم-الزكاة ، ب31 رقم 1032 ) .

وقوله تعالى{ ذوي القربى }

قال ابن خزيمة : حدثنا أحمد بن عبدة ، أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن حميد ابن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة- ، قال سفيان : وكانت قد صلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين-قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح " .

( صحيح ابن خزيمة( 4/78ح2386 – ك الزكاة ، ب فضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح )وأخرجه الحاكم في ( المستدرك1/406 )من طريق معمر وابن عيينة عن الزهري به . وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وعزاه الهيثمي في ( المجمع3/116 )للطبراني في الكبير ، وقال : رجاله رجال الصحيح . ونقل في حاشية( المطالب العالية( 1/257 ) قول البوصيري : رواه الطبراني بسند صحيح . وقال الألباني : صحيح( الإرواء3/404 ) . وقال محقق صحيح ابن خزيمة : إسناده صحيح .

قال الإمام أحمد : ثنا يزيد بن هارون قال أنا هشام عن حفصة عن سلمان بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الصدقة على المسكين صدقة ، والصدقة على ذي الرحم اثنتان : صلة وصدقة " .

( المسند4/18 ) ، وأخرجه الحميدي( المسند ص362 و363 ) ، والترمذي( السنن- الزكاة رقم658 ) ، وابن ماجة( السنن-الزكاة رقم1494 ) ، والحاكم( المستدرك 1/407 )كلهم عن سلمان بن عامر ، وحسنه الترمذي ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه ابن كثير في التفسير ، والألباني في صحيح سنن الترمذي ، وابن ماجة ) . وله شاهد في الصحيح من حديث زينب امرأة عبد الله( صحيح البخاري-الزكاة- ب الزكاة على الزوج والأيتام ح 1466 ) .

وقوله تعالى{ واليتامى }

تقدم حديث : " لا يتم بعد احتلام " عند الآية( 83 ) .

وقوله تعالى{ والمساكين }

تقدم بيانه عند الآية( 83 )أيضا وهو حديث : " ليس المسكين الذي ترده اللقمة . . . " .

وقوله تعالى{ وابن السبيل }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين .

وقوله تعالى{ وفي الرقاب }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان في قول الله : { وفي الرقاب }قال : هم المكاتبون .

قال مسلم : حدثنا محمد بن المثنى العنزي ، حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله ابن سعيد( وهو ابن أبي هند ) . حدثني إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن مرجانة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أعتق رقبة مؤمنة ، أعتق الله ، بكل إرب منها ، إربا منه من النار " .

( الصحيح( 2/1147ح1509-ك العتق ) .

الحديث يبين عظم فضل تحرير الرقاب .

وقوله تعالى{ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله{ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }فمن أعطى عهد الله نقضه ، انتقم منه ، ومن أعطى ذمة رسول الله ثم غدر بها فرسول الله صلى الله عليه وسلم خصمه يوم القيامة .

قال البخاري : حدثنا سليمان أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " .

( الصحيح1/89 ح34 ، 33 –ك الإيمان ، ب علامة المنافق )وأخرجه مسلم في صحيحه( 1/78 ح 59 ، 58 ) .

الحديث يدل على أن الوفاء بالعهد من علامات الإيمان .

وقوله تعالى{ والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس }

أخرج عبد الرزاق والطبري وابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة{ والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس }قال : البأساء : البؤس ، والضراء : الزمانة في الجسد ، وحين البأس قال : حين القتال .

قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما المراد بالبأس ؟ ولكنه أشار في موضع آخر إلى ان البأس القتال ، وهو قوله{ قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا }كما هو ظاهر من سياق الكلام .

قوله تعالى{ أولئك الذين صدقوا }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية{ أولئك الذين صدقوا }يقول : تكلموا بكلام الإيمان وحققوا بالعمل .