صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّـٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (177)

{ ولكن البر بر من آمن } البر : اسم جامع لكل خير ، ولكل طاعة وقربة إلى الله تعالى .

أي ولكن البر بر من آمن ، وحذف المضاف على حد : الجود حاتم ، أي الجود جود حاتم . أو ولكن البر – أي البار- من آمن ، على أنه اسم فاعل من بر يبر فهو بر ، وأصله برر ، فلما أريد الإدغام نقلت كسرة الراء إلى ما قبلها بعد سلب حركتها .

وقد اشتملت الآية على خمسة عشر نوعا من أنواع البر . وهي رد لما زعمته اليهود من أن البر هو مجرد التوجه إلى جهة المغرب ، وما زعمته النصارى من أنه مجرد التوجه إلى جهة المشرق . أي ليس البر كله فيما زعموا ، وإنما فيما بينته هذه الآية .

{ وابن السبيل } هو المسافر المنقطع عن أهله ووطنه ، الذي قد فرغت نفقته . وسمي ابن سبيل لملازمته السبيل ، أي الطريق في سفره .

{ وفي الرقاب } أي في فك الرقاب وتخليصها من الاسترقاق أوالأسر . أوشراء رقاب وعنقها .

{ والصابرين في البأساء والضراء } البأساء : ما يصيب الناس في الأموال ، كالفقر . والضراء : ما يصيبهم في الأنفس ، كالمرض . مشتقان من البؤس والضر ، وألفهما للتأنيث . يقال : بئس يبأس بؤسا وبأسا ، اشتدت حاجته .

وضره وأضره وضاره ضرا وضرا ، ضد نفع . " والصابرين " منصوب على المدح بتقدير أخص ، وغير سبكه عما قبله تنبيها على فضيلة الصبر ومزيته على سائر الأعمال ، حتى كأنه ليس من جنس ما قبله . وهذا الضرب من الأسلوب يسمى القطع ، وهو أبلغ من الإتباع .

{ وحين البأس } أي ووقت القتال في سبيل الله . يقال : بؤس يبؤس بأسا فهو بئيس ، أي شديد شجاع . وهو ظرف منصوب بالصابرين .