لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡاْ أَجۡرٌ عَظِيمٌ} (172)

للاستجابة مزية وفضيلة على الإجابة من حيث الإشارة لا من مقتضى العربية وهو أنه يستجيب طوعاً لا كرهاً ، فهم استجابوا لله من غير انطواء على تحمل مشقة بل بإشارة القلب ومحبة الفؤاد واختيار الروح واستحلاء تحمُّل الحُكْم . فالاستجابة للحق بوجوده ، والاستجابة للرسول - عليه السلام - بالتخلُّق بما شرع من حدوده .

استجابة الحق بالتحقق بالصفاء في حق الربوبية ، واستجابة الرسول عليه السلام بالوفاء في إقامة العبودية .

{ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ } : في ابتداء معاملاتهم قبل ظهور أنوار التجلي على قلوبهم ، وابتسام الحقائق في أسرارهم .

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ } : " الإحسان أن تعبد الله كأنَّك تراه . . . " - وهو المشاهدة والتقوى - . . . " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " - وهو المراقبة في حال المجاهدة .

{ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لأهل البداية مؤجَّلاً ، ولأهل النهاية مُعجَّلاً .