بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡاْ أَجۡرٌ عَظِيمٌ} (172)

قوله تعالى : { الذين استجابوا لِلَّهِ والرسول } قال في رواية الكلبي : وذلك أن أبا سفيان حين رجع من أُحد ، نادى فقال : يا محمد ، إن الموعد بيننا وبينك موسم بدر الصغرى . فقال صلى الله عليه وسلم لعمر : « قُلْ لَهُ ذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى » ثم ندم أبو سفيان ، فقال لنعيم بن مسعود وكان يخرج إلى المدينة للتجارة : إذا أتيت المدينة ، فخوّفهم لكيلا يخرجوا . فلما قدم نعيم المدينة قال : إن أبا سفيان قد جمع خلقاً كثيرة ، فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم وتثاقلوا ، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم قال : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ » قال : فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للميعاد ، ومعه نحواً من سبعين رجلاً ، حتى انتهوا إلى ذلك الموضع ، وكان هنالك سوق فلم يخرج أحد من أهل مكة ، فتسوقوا من السوق حاجتهم وانصرفوا ، فنزل قوله تعالى : { الذين استجابوا لِلَّهِ والرسول } .

{ مِن بَعْدِ مَا أصابهم القرح } يعني أصابتهم الجراحات يوم أُحد { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ } أي الذين أوفوا الميعاد { واتقوا } السخط في معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم { أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي ثواب كثير