فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡاْ أَجۡرٌ عَظِيمٌ} (172)

{ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } هذه بشرى لمن تابع الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دون وهن لما أصابهم أو استكانة لعدوهم محتملين الأثخان والجراحات التي ألمت بهم ، و{ الذين } بدل من { المؤمنين } أو نعت لهم أو مبتدأ خبره { للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } و{ استجابوا } أي أطاعوا ؛ { القرح } الجراح والقتل و{ من } في { منهم } للبيان فكلهم – رضوان الله عليهم- محسن وتقي . عن عكرمة قال : كان يوم أحد السبت للنصف من شوال فلما كان الغد من يوم أحد يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو ، وأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس ، فكلمه جابر بن عبد الله بن عمر وبن حرام فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال لي يا ابني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو ليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم ؛ وعن أبي السائب أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا ، فقال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي أو قال لي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما لنا من دابة نركبها . وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جرحا منه ، فكنت إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال فأقام بها ثلاثا الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة .

وعن السدي : انطلق أبو سفيان منصرفا من أحد حتى بلغ بعض الطريق ثم إنهم ندموا وقالوا بئسما صنعتم إنكم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشديد تركتموهم ارجعوا واستأصلوهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فهزوا فأخبر الله رسوله فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ثم رجعوا من حمراء الأسد فأنزل الله جل ثناؤه فيهم { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } .