لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهٗاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا} (19)

التلبيسُ على المستضعفين ، والتدليسُ على أهل السلامة والوداعة من المسلمين - غيرُ محموديْنَ عند الله . فمن تعاطَ ذلك انتقم الله منه ، ولم يبارِك له فيما يختزل من أموال الناس بالباطل والاحتيال . ومن استصغر خصمه في الله فأهون ما يعاقبه الله به أنْ يَحْرِمَه الوصولَ إلى ما يأمل من محبوبه .

وقوله : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ } : أي بتعاليم الدين والتأدب بأخلاق المسلمين وحُسْنِ الصحبة على كراهة النفس ، وأن تحتمل أذاهن ولا تحملهن كلف خدمتك ، وتتعامى عن مواضع خجلتهن .

قوله : { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا . . . } كل ما كان على نفسك أشقَّ كانت عاقبته أهْنَأَ وأَمْرَأَ .

واعلم أن الحقَّ سبحانه لم يُطْلِعْ أحداً على غَيْبِه ، فأكثر ما يعافه الإنسان قد تكون الخيرة فيه أتم . وقد حكم الله - سبحانه - بأن مخالفة النفس توصل صاحبها إلى أعلى المنازل ، وبعكس ذلك موافقتها ، كما أَن مخالفة القلوب توجب عمى البصيرة ، وبعكس ذلك موافقتها .