تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهٗاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا} (19)

{ يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } ، نزلت في محصن بن أبي قيس بن الأسلت الأنصاري ، من بني الحارث بن الخزرج ، وفي امرأته هند بنت صبرة ، وفي الأسود بن خلف الخزاعي ، وفي امرأته حبيبة بنت أبي طلحة ، وفي منظور بن يسار الفزاري ، وفي امرأته ملكة بنت خارجة بن يسار المرى ، تزوجوا نساء آبائهم بعد الموت ، وكان الرجل من الأنصار إذا مات له حميم ، عمد الذي يرث الميت ، وألقى على امرأة الميت ثوبا ، فيرث تزويجها ، رضيت أو كرهت ، على مثل مهر الميت ، فإن ذهبت المرأة إلى أهلها قبل أن يلقى عليها ثوبا ، فهي أحق بنفسها ، فأتين النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلن : يا رسول الله ، ما يدخل بنا ولا ينفق علينا ولا نترك أن نتزوج ، فأنزل الله عز وجل في هؤلاء النفر : { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } ، يعن وهن كارهات ، ولكن تزوجوهن برضى منهن ، وكان أحدهم يقول : أنا أرثك لأني ولي زوجك ، فأنا أحق بك ثم انقطع الكلام .

ثم قال الله عز وجل : { ولا تعضلوهن } ، كان الرجل يفر بامرأته لتفتدى منه ، ولا حاجة له فيها ، يقول : لا تحبسوهن { لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } ، يقول : ببعض ما أعطيتموهن من المهر ، ثم رخص واستثنى ، { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } ، يعني العصيان البين ، وهو النشوز ، فقد حلت الفدية إذا جاء العصيان من قبل المرأة ، ثم قال تبارك وتعالى : { وعاشروهن بالمعروف } ، يقول : صاحبوهن بإحسان ، { فإن كرهتموهن } وأردتم فراقهن ، { فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } يعني في الكره خيرا كثيرا ، يقول : عسى الرجل يكره المرأة ، فيمسكها على كراهية ، فلعل الله عز وجل يرزقه منها ولدا ، ويعطفه عليها ، وعسى أن يكرهها ، فيطلقها فيتزوجها غيره ، فيجعل الله للذي يتزوجها فيها خيرا كثيرا ، فيرزقه منها لطفا وولدا .