في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

26

عندئذ ، وفي هذا الموقف المكشوف ، تختبر كل نفس ما أسلفت من عمل ، وتدرك عاقبته إدراك الخبرة والتجربة :

هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت . .

وهنالك يتكشف الموقف عن رب واحد حق يرجع إليه الجميع ، وما عداه باطل :

( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) . .

وهنالك لا يجد المشركون شيئا من دعاويهم ومزاعمهم وآلهتهم ، فكله شرد عنهم ولم يعد له وجود :

( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) . .

وهكذا يتجلى المشهد الحي ، في ساحة الحشر ، بكل حقائقه ، وبكل وقائعه ، وبكل مؤثراته واستجاباته . تعرضه تلك الكلمات القلائل ، فتبلغ من النفس ما لا يبلغه الإخبار المجرد ، ولا براهين الجدل الطويل !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

{ هنالك } في ذلك المقام . { تبلو كل نفس ما أسلفت } تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره . وقرأ حمزة والكسائي " تتلو " من التلاوة أي تقرأ ذكر ما قدمت ، أو من التلو أي تتبع عملها فيقودها إلى الجنة أو إلى النار . وقرئ " نبلو " بالنون ونصب { كل } وإبدال { ما } منه والمعنى نختبرها أي نفعل بها فعل المختبر لحالها المتعرف لسعادتها وشقاوتها بتعرف ما أسلفت من أعمالها ، ويجوز أن يراد به نصيب بالبلاء أي بالعذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر فتكون { ما } منصوبة بنزع الخافض . { وردّوا إلى الله } إلى جزائه إياهم بما أسلفوا . { مولاهم الحق } ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة لا ما اتخذوه مولى ، وقرئ { الحق } بالنصب على المدح أو المصدر المؤكد . { وضلّ عنهم } وضاع عنهم . { ما كانوا يفترون } من أن آلهتهم تشفع لهم ، أو ما كانوا يدعون أنها آلهة .