ثم يجيء إلى لون من ألوان الفتنة أشرنا إليه في مطلع السورة : فتنة الأهل والأحباء . فيفصل في الموقف الدقيق بالقول الحازم الوسط ، لا إفراط فيه ولا تفريط :
( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا . وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ، إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون . والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ) . .
إن الوالدين لأقرب الأقرباء . وإن لهما لفضلا ، وإن لهما لرحما ؛ وإن لهما لواجبا مفروضا : واجب الحب والكرامة والإحترام والكفالة . ولكن ليس لهما من طاعة في حق الله . وهذا هو الصراط : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا . وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) . .
إن الصلة في الله هي الصلة الأولى ، والرابطة في الله هي العروة الوثقى . فإن كان الوالدان مشركين فلهما الإحسان والرعاية ، لا الطاعة ولا الاتباع . وإن هي إلا الحياة الدنيا ثم يعود الجميع إلى الله .
{ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } بإيتائهما فعلا ذا حسن ، أو كأنه في ذاته حسن لفرط حسنه ووصى يجري مجرى أمر معنى وتصرفا . وقيل هو بمعنى قال أي وقلنا له أحسن بوالديك { حسنا } ، وقيل { حسنا } منتصب بفعل مضمر على تقدير قول مفسر للتوصية أي قلنا أولهما أو افعل بهما { حسنا } وهو أفق لما بعده وعليه يحسن الوقف على { بوالديه } ، وقرئ { حسنا } و " إحسانا " . { وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم } بإلهيته عبر عن نفيها بنفي العلم بها إشعارا بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه وإن لم يعلم بطلانه فضلا عما علم بطلانه . { فلا تطعهما } في ذلك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا بد من إضمار القول إن لم يضمر قبل . { إلي مرجعكم } مرجع من آمن منكم ومن أشرك ومن بر بوالديه ومن عق . { فأنبئكم بما كنتم تعملون } بالجزاء عليه ، والآية نزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه حمنة ، فإنها لما سمعت بإسلامه حلفت أنها لا تنتقل من الضح ولا تطعم ولا تشرب حتى يرتد ولبثت ثلاثة أيام كذلك وكذا التي في " لقمان " " والأحقاف " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.