في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (5)

أما الإيقاع الثالث فيتمثل في تطمين الذين يرجون لقاء الله ، ووصل قلوبهم به في ثقة وفي يقين :

( من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ، وهو السميع العليم ) . .

فلتقر القلوب الراجية في لقاء الله ولتطمئن ؛ ولتنتظر ما وعدها الله إياه ، انتظار الواثق المستيقن ؛ ولتتطلع إلى يوم اللقاء في شوق ولكن في يقين .

والتعبير يصور هذه القلوب المتطلعة إلى لقاء الله صورة موحية . صورة الراجي المشتاق ، الموصول بما هناك . ويجيب على التطلع بالتوكيد المريح . ويعقب عليه بالطمأنينة الندية ، يدخلها في تلك القلوب . فإن الله يسمع لها ، ويعلم تطلعها : ( وهو السميع العليم ) .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (5)

ولما خوف عباده المحسنين والمسيئين ، وضربهم بسوط القهر أجمعين ، أشار إلى التلويح بتهديد الكاذبين في التصريح بتشويق الصادقين فقال على سبيل الاستنتاج مما مضى : { من كان يرجو } عبر به لأن الرجاء كافٍ عن الخوف منه سبحانه { لقاء الله } أي الجامع لصفات الكمال ، فلا يجوز عليه ترك البعث فإنه نقص ومنابذ للحكمة ، وشبه البعث باللقاء لانكشاف كثير من الحجب به وحضور الجزاء .

ولما كان المنكر للبعث كثيراً ، أكد فقال موضع : فإنه آت فليحذر وليبشر ، تفخيماً للأمر وتثبيتاً وتهويلاً : { فإن أجل الله } أي الملك الأعلى الذي له الغنى المطلق وجميع صفات الكمال المحتوم لذلك { لآت } لا محيص عنه ، فإنه لا يجوز عليه وقوع إخلاف الوعد ، ولذلك عبر بالاسم الأعظم ، وللإشارة إلى أن أهوال اللقاء لا يحيط بها العد ، ولا يحصرها حد ، فليعتد لذلك بالمجاهدة والمقاتلة لنفسه من ينصحها ، وقال تعالى : { وهو } أي وحده { السميع العليم* } حثاً على تطهير الظاهر والباطن في العقد والقول والفعل .