{ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله } أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قال : أي من كان يخشى البعث في الآخرة فالرجاء بمعنى الخوف كما في قول الهذلي في وصف عسال :
إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها *** وخالفها في بيت نوب عوامل
ولعل إرادة البعث من لقائه عز وجل لأنه من مباديه ، وقيل : لعل جعل لقاء الله تعالى عبارة عن الوصول إلى العاقبة إلا أنه لما كان البعث من أعظم ما يتوقف ذلك عليه خصه بالذكر ، وفي «الكشاف » أن لقاء الله تعالى مثل للوصول إلى العاقبة من تلقي ملك الموت والبعث والحساب والجزاء ، مثلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيده بعد عهد طويل ؛ وقد اطلع مولاه على ما كان يأتي ويذر فأما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله أو بضد ذلك لما سخطه منها ، فمعنى { مَن كَانَ } الخ من كان يأمل تلك الحال وإن يلقى فيها الكرامة من الله تعالى والبشرى ، فالكلام عنده من باب التمثيل والرجاء بمعنى الأمل والتوقع .
وجوز أن يكون بمعنى ذلك إلا أن الكلام بتقدير مضاف أي من كان يتوقع ملاقاة جزاء الله تعالى ثواباً أو عقاباً أو ملاقاة حكمه عز وجل يوم القيامة وأن يكون بمعنى الخوف ، والمضاف محذوف أيضاً أي من كان يخاف ملاقاة عقاب الله تعالى ، وأن يكون بمعنى ظن حصول ما فيه مسرة وتوقعه كما هو المشهور ، والمضاف كذلك أيضاً ، أي من كان يرجو ملاقاة ثواب الله تعالى ، ويجوز أن لا يقدر مضاف ، ويجعل لقاء الله تعالى مجازاً عن الثواب لما أنه لازم له .
واختار بعضهم أن الرجاء بمعناه المشهور وأن لقاء الله تعالى مشاهدته سبحانه على الوجه اللائق به عز وجل كما يقوله أهل السنة والجماعة إذ لا حاجة للخروج عن الظاهر من غير ضرورة وما حسبه المعتزلي منها فليس منها كما بين في علم الكلام أي من كان يتوقع مشاهدة الله تعالى يوم القيامة التي لا نعيم يعدلها ويلزمها الفوز بكل خير ونعيم { فَإِنَّ أَجَلَ الله } الأجل غاية لزمان ممتد عينت لأمر من الأمور ، وقد يطلق على كل ذلك الزمان ، والأول أشهر في الاستعمال أي فإن الوقت الذي عينه جل شأنه لذلك { لأَتٍ } لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لأن أجزاء الزمان على التقضي والتصرم دائماً ، ومجيء ذلك الوقت كناية عن إتيان ما فيه ووقوعه ، والجملة الاسمية قائمة مقام جواب الشرط وهي في الحقيقة دليل الجواب المحذوف أي فليبادر ما ينفقه من امتثال الأوامر واجتناب المناهي أو فليبادر ما يحقق أمله ويصدق رجاءه أو نحوه ذلك مما يلائم الشرط فتدبر .
/ وقيل : يجوز أن تكون هي الجواب على أن المراد بها المعنى الملائم للشرط كما ذكر { وَهُوَ السميع } جل شأنه لأقوال العباد { العليم } بأحوالهم من الأعمال الظاهرة والعقائد والصفات الباطنة ، والجملة تذييل لتحقيق حصول المرجو والمخوف وعداً ووعيداً
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.