في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ طَـٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (19)

ولكن الواجب الملقى على عاتق الرسل يقضي عليهم بالمضي في الطريق :

( قالوا : طائركم معكم ) . .

فالقول بالتشاؤم من دعوة أو من وجه هو خرافة من خرافات الجاهلية . والرسل يبينون لقومهم أنها خرافة ؛ وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر لا يأتيهم من خارج نفوسهم . إنما هو معهم . مرتبط بنواياهم وأعمالهم ، متوقف على كسبهم وعملهم . وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً . فإن إرادة الله بالعبد تنفذ من خلال نفسه ، ومن خلال اتجاهه ، ومن خلال عمله . وهو يحمل طائره معه . هذه هي الحقيقة الثابتة القائمة على أساس صحيح . أو التشاؤم بالوجوه ، أما التشاؤم بالأمكنة أو التشاؤم بالكلمات . . فهو خرافة لا تستقيم على أصل مفهوم !

وقالوا لهم : أئن ذكرتم ? . .

يعني أترجموننا وتعذبوننا لأننا نذكركم ! أفهذا جزاء التذكير ?

( بل أنتم قوم مسرفون ) . .

تتجاوزون الحدود في التفكير والتقدير ؛ وتجازون على الموعظة بالتهديد والوعيد ؛ وتردون على الدعوة بالرجم والتعذيب !

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُواْ طَـٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (19)

{ قالوا } أي الرسل : { طائركم } أي شومكم الذي أحل بكم البلاء { معكم } وهو أعمالكم القبيحة التي منها تكذيبكم .

ولما كان لم يبد منهم غير ما يقتضي عند النظر الصحيح التيمن والبركة ، وهو التذكير بالله الذي بيده الخير كله ، أنكروا عليهم تطيرهم منهم على وجه مبين أنه لا سبب لذلك غيره فقالوا : { أئن ذكرتم } أي الأجل إن حصل لكم تذكير بالله تطيرتم بنا ؟ ولما كان ذلك لا يصح أن يكون سبباً للتطير بوجه ، أضربوا عنه منبهين لهم على أن موضع الشوم إسرافهم لا غير فقالوا : { بل } أي ليس الأمر كما زعمتم في أن التذكير سبب للتطير بل { أنتم قوم } أي غركم ما آتاكم الله من القوة على القيام فيما تريدون { مسرفون * } أي عادتكم الخروج عن الحدود والطغيان فعوقبتم لذلك .