النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُواْ طَـٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (19)

قوله عز وجل : { قَالُواْ طَائِركم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُمْ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن أعمالكم معكم أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا ، قاله قتادة .

الثاني : أن الشؤم معكم إن أقمتم على الكفر إذا ذكرتم ، قاله ابن عيسى .

الثالث : معناه أن كل من ذكركم بالله تطيرتم به ، حكاه بعض المتأخرين .

الرابع : أن عملكم ورزقكم معكم ، حكاه ابن حسام المالكي .

{ بَل أَنتُمْ قومٌ مُّسْرفُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : في تطيركم ، قاله قتادة .

الثاني : مسرفون في كفركم ؛ قاله يحيى بن سلام . وقال ابن بحر : السرف ها هنا الفساد ومعناه بل أنتم قوم مفسدون ، ومنه قول الشاعر :

إن امرأ سرف الفؤاد يرى *** عسلاً بماءِ غمامة شتمي{[2300]}

وقيل : إن شمعون من بينهم أحيا بنت ملك أنطاكية من قبرها ، فلم يؤمن أحد منهم غير حبيب النجار فإنه ترك تجارته حين سمع بهم وجاءهم مسرعاً فآمن ، وقتلوا جميعاً وحبيب معهم ، وألقوا في بئر . قال مقاتل : هم أصحاب الرس . ولما عرج بروح حبيب إلى الجنة تمنى فقال { يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بَمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } .


[2300]:قائله طرفة بن العبد وسرف الفؤاد أي مخطئ القلب غافله.