التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قَالُواْ طَـٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (19)

ولكن الرسل قابلوا هذا التهديد - أيضا - بالثبات ، والمنطق الحكيم فقالوا لهم : { طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَإِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } .

أى : قال الرسل لأهل القرية : ليس الأمر كما ذكرتم من أننا سبب شؤمكم ، بل الحق أن شؤمكم معكم ، ومن عند أنفسكم ، بسبب إصراركم على كفركم ، وإعراضكم عن الحق الذى جئناكم به من عند خالقكم .

وجواب الشرط لقوله : { أَإِن ذُكِّرْتُم } محذوف ، والتقدير : أئن وعظتم وذكرتم بالحق ، وخوفتهم من عقاب الله . . تطيرتم وتشاءمتم .

وقوله : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } إضراب عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سببا للشؤم .

أى : ليس الأمر كما ذكرتم من أن وجودنا بينكم هو سبب شؤمكم ، بل الحق أنكم قوم عادتكم الإِسراف فى المعاصى ، وفى إيثار الباطل على الحق ، والغى على الرشد ، والتشاؤم على التيامن .

ثم بين - سبحانه - بعد تلك المحاورة التى دارت بين أهل القرية وبين الرسل ، والتى تدل على أن أهل القرية كانوا مثلا فى السفاهة والكراهة للخير والحق .