{ تنزل الملائكة . . . } أي ومن فضلها وخيرها أن الملائكة – ومنهم جبريل عليه السلام – ينزلون فيها أفواجا إلى الأرض بأمره تعالى ، بكل أمر من الخير والبركة ، على كل مسلم قائم أو قاعد يذكر الله تعالى فيها ؛ تعبدا لله تعالى وشكرا على أفضل نعمة على المسلمين ، وهي إنزاله القرآن وبعثه الرسول والتوفيق للإيمان برب العالمين . ف " من " بمعنى الباء ، كما ذكره أبو حاتم . وعطف " الروح " على " الملائكة " عطف خاص لشرفه وتقدمه .
{ تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ }
تنزِل الملائكة وجبريلُ إلى الأرض في تلك الليلة بإذنِ ربهم مع بركات الله ورحمته . فهي بمثابة عيدٍ للمسلمين لنزول القرآن فيها ، وليلةُ شكر على الإحسانِ والإنعام بذلك . وتُشاركهم فيها الملائكة مما يُشعِر بعظمتها وبقَدْرِ الإنسان كَخليفةٍ لله على الأرض .
قوله تعالى : { تنزل الملائكة } أي تهبط من كل سماء ، ومن سدرة المنتهى ، ومسكن جبريل على وسطها . فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر ، فذلك قوله تعالى : { تنزل الملائكة } ، { والروح فيها بإذن ربهم " أي جبريل عليه السلام . وحكى القشيري : أن الروح صنف من الملائكة ، جعلوا حفظة على سائرهم ، وأن الملائكة لا يرونهم ، كما لا نرى نحن الملائكة . وقال مقاتل : هم أشرف الملائكة ، وأقربهم من اللّه تعالى . وقيل : إنهم جند من جند اللّه عز وجل من غير الملائكة ، رواه مجاهد عن ابن عباس مرفوعا . ذكره الماوردي ، وحكى القشيري : قيل : هم صنف من خلق اللّه يأكلون الطعام ، ولهم أيد وأرجل ، وليسوا ملائكة . وقيل : " الروح " خلق عظيم يقوم صفا ، والملائكة كلهم صفا . وقيل : " الروح " الرحمة ينزل بها جبريل عليه السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها ، دليله : " ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده{[16239]} " [ النحل : 2 ] ، أي بالرحمة . " فيها " أي في ليلة القدر . " بإذن ربهم " أي بأمره . " من كل أمر " أمر بكل أمر قدره اللّه وقضاه في تلك السنة إلى قابل . قاله ابن عباس ، كقوله تعالى : " يحفظونه من أمر الله " {[16240]} [ الرعد : 11 ] أي بأمر اللّه . وقراءة العامة " تنزل " بفتح التاء ، إلا أن البزي شدد التاء . وقرأ طلحة بن مصرف وابن السميقع ، بضم التاء على الفعل المجهول . وقرأ علي وابن عباس وعكرمة والكلبي " من كل امرئ " . وروي عن ابن عباس أن معناه : من كل ملك ، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل فيها مع الملائكة ، فيسلمون على كل امرئ مسلم . " فمن " بمعنى على . وعن أنس قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة{[16241]} من الملائكة ، يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه تعالى .
قوله : { تنزّل الملائكة والروح فيها } أي إن الملائكة نهبط من السماء إلى الأرض في هذه الليلة المباركة وجبريل معهم وهو الروح . ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة تشريفه وتعظيم شأنه .
قوله : { بإذن ربهم من كل أمر } أي يتنزّلون إلى الأرض بإذن ربهم من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى مثلها من قابل ، وذلك من رزق وأجل وغير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.