اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

قوله : { تَنَزَّلُ الملائكة } ، أي : تهبط من كل سماء إلى الأرض ، ويؤمنون على دعاء النَّاس إلى وقت طلوع الفجر ، وقوله تعالى : { والروح فِيهَا } . يجوز أن ترتفع «الرُّوحُ » بالابتداء ، والجار بعده الخبر ، وأن ترتفع بالفاعلية عطفاً على الملائكة ، و «فيها » متعلق ب «تنزل » ، وأن يكون معطوفاً على الفاعل ، و«فِيهَا » ظرف أو حال ، والمراد بالروح جبريل عليه السلام .

[ وحكى القشيري : أن الروح صنف من الملائكة ؛ جعله حفظة على سائرهم ، وأن الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة .

وقال مقاتل : هم أشرف الملائكة ، وأقربهم إلى الله تعالى{[60583]} .

وقيل : هم جند الله - تعالى - غير الملائكة ، رواه ابن عبَّاس مرفوعاً ، حكاه الماوردي .

وقيل : الروح خلق عظيم يقوم صفاً واحداً ، والملائكة صفاً ]{[60584]} .

وقيل : «الرُّوحُ » : الرحمة ينزل بها جبريل عليه السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها ، بدليل قوله تعالى : { يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ النحل : 2 ] ، أي : بالرحمة فيها ، أي : في ليلة القدر .

قوله : { بِإِذْنِ رَبِّهِم } . يجوز أن يتعلق ب «تَنَزَّلُ » ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من المرفوع ب «تَنَزَّل » أي : ملتبساً بإذن ربهم .

قوله : { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } . يجوز في «مِنْ » وجهان :

أحدهما : أنها بمعنى اللام ، وتتعلق ب «تَنزَّلُ » ، أي : تنزل من أجل كل أمر قضي إلى العام القابل .

الثاني : أنها بمعنى الباء ، أي : تنزل بكل أمر ، فهي للتعدية ، قاله أبو حاتم .

وقرأ العامة : «أمْرٍ » واحد الأمور .

وقرأ ابن عباس ، وعكرمة{[60585]} ، والكلبي : «مِنْ كُلِّ امْرئٍ » ، أي : من أجل كل إنسانٍ .

قال القرطبيُّ{[60586]} : وتأولها الكلبي على أن جبريل - عليه السلام - ينزل فيها مع الملائكة ، فيسلمون على كُلِّ امرئ مسلم ، ف «مِنْ » بمعنى «عَلَى » .

وقيل : من أجل كل ملك ، وهو بعيد .

وقيل : «مِنْ كُلِّ أمْرٍ » ليس متعلقاً ب «تَنَزَّلُ » إنما هو متعلق بما بعده ، أي : هي سلام من كل أمر مخوف ، وهذا لا يتم على ظاهره ؛ لأن «سلام » مصدر لا يتقدم عليه معموله ، وإنما المراد أنه متعلق بمحذوف يدل عليه هذا المصدر .


[60583]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/90).
[60584]:سقط من: ب.
[60585]:ينظر: المحرر الوجيز 5/506، والبحر المحيط 8/493، والدر المصون 6/549.
[60586]:الجامع لأحكام القرآن 20/91.