الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

[ قوله ] سبحانه { تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ } .

قرأ طلحة بن مصرف { تَنزِلُ } خفيفة ، من النزول ، والروح يعني جبرئيل في قول أكثر المفسّرين ، يدلّ عليه ما روى قتادة عن أنس أن رسول اللّه ( عليه السلام ) قال : " إذا كان ليله القدر نزل جبرئيل في كبكبة من الملائكة يصلّون ويسلّمون على كلّ عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه سبحانه " .

وقال كعب ومقاتل بن حيان : الروح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلاّ تلك الليلة ، ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر .

وقال الواقدي : هو مَلَك عظيم [ من أعظم الملائكة خلقاً ] يخلق من الملائكة .

{ فِيهَا } أي في ليلة القدر { بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } قدّره اللّه سبحانه وقضاه في تلك السنة إلى قابل ، لقوله سبحانه في الرعد :{ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } [ الرعد : 11 ] أي بأمر الله .

وقد أخبرنا محمد بن عبدوس قال : حدّثنا محمد بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن الجهم قال : حدّثنا يحيى بن زياد الفرّاء قال : حدّثني أبو بكر بن عباس ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أنّه كان يقرأ " من كل امرئ سلام " ، ورويت هذه القراءة أيضاً عن علي بن أبي طالب وعكرمة ، ولها وجهان :

أحدهما : إنّه وجّه معناه إلى الملك ، أي من كلّ ملك سلام .

والثاني : أن يكون من بمعنى على ، تقديره : على كل امرئ من المسلمين سلام من الملائكة ، كقوله سبحانه :{ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ } [ الأنبياء : 77 ] أي على القوم ، والقراءة الصحيحة ما عليه العامة ؛ لإجماع الحجّة من القراءة عليها ، ولموافقتها خطّ المصاحف ؛ لأنه ليس فيها ياء .