لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

الوجه الثاني : من فضلها قوله عزّ وجلّ : { تنزل الملائكة } يعني إلى الأرض ، وسبب هذا أنهم لما قالوا{ أتجعل فيها من يفسد فيها } وظهر أن الأمر بخلاف ما قالوه ، وتبين حال المؤمنين ، وما هم عليه من الطاعة ، والعبادة ، والجد ، والاجتهاد ، نزلوا إليهم ليسلموا عليها ، ويعتذروا مما قالوه ، ويستغفروا لهم لما يرون من تقصير قد يقع من بعضهم { والروح } يعني جبريل عليه الصّلاة والسّلام ، قاله أكثر المفسرين . وفي حديث أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ، ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزّ وجلّ " ، ذكره ابن الجوزي ، وقيل : إن الرّوح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا في تلك الليلة ، ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، وقيل : إن الروح ملك عظيم ينزل مع الملائكة تلك الليلة { فيها } أي في ليلة القدر { بإذن ربهم } أي بأمر ربهم { من كل أمر } أي بكل أمر من الخير والبركة ، وقيل : بكل ما أمر به وقضاه من كل أمر .