فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

وجملة : { تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم } مستأنفة مبينة لوجه فضلها موضحة للعلة التي صارت بها خيراً من ألف شهر . وقوله : { بِإِذْنِ رَبّهِمْ } يتعلق ب { تنزل } أو بمحذوف ، هو حال : أي ملتبسين بإذن ربهم ، والإذن الأمر ، ومعنى { تنزل } : تهبط من السماوات إلى الأرض . والروح هو جبريل عند جمهور المفسرين : أي تنزل الملائكة ومعهم جبريل . ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة التعظيم له والتشريف لشأنه . وقيل الرّوح صنف من الملائكة هم أشرافهم ، وقيل هم جند من جنود الله من غير الملائكة . وقيل : الروح الرحمة ، وقد تقدّم الخلاف في الروح عند قوله : { يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً } [ النبأ : 38 ] . قرأ الجمهور { تَنَزَّلُ } بفتح التاء ، وقرأ طلحة بن مصرف وابن السميفع بضمها على البناء للمفعول ، وقوله : { مّن كُلّ أَمْرٍ } أي من أجل كلّ أمر من الأمور التي قضى الله بها في تلك السنة ، وقيل : إن { من } بمعنى اللام : أي لكلّ أمر ، وقيل : هِيَ بمعنى الباء : أي بكلّ أمر ، قرأ الجمهور : { أَمْرٍ } وهو واحد الأمور ، وقرأ عليّ وابن عباس وعكرمة والكلبي ( امرئ ) مذكر امرأة : أي من أجل كلّ إنسان ، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل مع الملائكة ، فيسلمون على كلّ إنسان ، فمن على هذا بمعنى على ، والأوّل أولى .

/خ5