في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

35

( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة . وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) . .

فيقفهم وجها لوجه أمام هذا المشهد كأنه حاضر اللحظة ، وكأنه يتحداهم فيه أن يأتوا بشركائهم المزعومين . وهذا اليوم حقيقة حاضرة في علم الله لا تتقيد في علمه بزمن . واستحضارها للمخاطبين على هذا النحو يجعل وقعها عميقا حيا حاضرا في النفوس على طريقة القرآن الكريم .

والكشف عن الساق كناية - في تعبيرات اللغة العربية المأثورة - عن الشدة والكرب . فهو يوم القيامة الذي يشمر فيه عن الساعد ويكشف فيه عن الساق ، ويشتد الكرب والضيق . . ويدعى هؤلاء المتكبرون إلى السجود فلا يملكون السجود ، إما لأن وقته قد فات ، وإما لأنهم كما وصفهم في موضع آخر يكونون : ( مهطعين مقنعي رؤوسهم )وكأن أجسامهم وأعصابهم مشدودة من الهول على غير إرادة منهم ! وعلى أية حال فهو تعبير يشي بالكرب والعجز والتحدي المخيف . .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ( 42 ) }

يوم القيامة يشتد الأمر ويصعب هوله ، ويأتي الله تعالى لفصل القضاء بين الخلائق ، فيكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء ، قال صلى الله عليه وسلم : " يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى مَن كان يسجد في الدنيا ؛ رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد ، فيعود ظهره طبقًا واحدًا " رواه البخاري ومسلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون 42 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون 43 فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 44 وأملي لهم إن كيدي متين 45 أم تسئلهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 46 أم عندهم الغيب فهم يكتبون } .

يوم ، منصوب من وجهين . أحدهما : أن يكون العامل فيه : فليأتوا بشركائهم يوم يكشف عن ساق . وثانيهما : أن يكون العامل فيه فعلا مقدرا ، وتقديره : واذكر يوم{[4603]} ، والكشف عن الساق مثل يضرب في شدة الأمر وفظاعة الخطب وهول المنظر وأصل ذلك في الروع والهزيمة وتشمير النساء ذوات الخدور عن سوقهن في الهرب . والمعنى : يشتد أمر الرحمان يوم القيامة حيث الفزع الأكبر ، إذ تتفاقم الأهوال والزلازل والبلايا . أو يوم تشتد الحال أو الساعة ، كما تقول : كشفت الحرب عن ساقها على سبيل المجاز { ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } تبقى أصلاب المنافقين والظالمين المكذبين طبقا واحدا يوم القيامة فلا يستطيعون السجود فإن قيل : لم يدعون إلى السجود وليس من تكليف يوم القيامة ؟ فإنه يجاب عن ذلك ، بأنه يطلب منهم السجود على سبيل التوبيخ والتعنيف على تركهم السجود في الدنيا . وفي ذلك تهييج للندم الشديد ، والحسرة البالغة في نفوسهم على ما فرطوا في دنياهم . وفي ذلك من زيادة التنكيل بهم ما لا يخفى .


[4603]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 455.