النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

{ يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : عن ساق الآخرة ، قاله الحسن .

الثاني : الساق الغطاء ، قاله الربيع بن أنس ، ومنه قول الراجز :

في سَنَةٍ قد كشفتْ عن ساقها *** حمراءَ تبري اللحم عن عراقها{[3058]}

الثالث : أنه الكرب والشدة ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر :

كشفت لهم عن ساقها *** وبدا من الشر الصُّراح

الرابع : هو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا ، قال الضحاك : لأنه أول الشدائد ، كما قال الراجز :

قد كشفت عن ساقها فشُدُّوا *** وجدّت الحربُ بكم فجدوا

فأما ما روي أن اللَّه تعالى يكشف{[3059]} عن ساقه فإن اللَّه تعالى منزه عن التبعيض والأعضاء وأن ينكشف أو يتغطى ، ومعناه أنه يكشف عن العظيم من أمره ، وقيل يكشف عن نوره .

وفي هذا اليوم ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه يوم الكبر والهرم والعجز عن العمل .

الثاني : أنه يوم حضور المنية والمعاينة .

الثالث : أنه يوم القيامة .

{ ويُدْعَون إلى السجودِ فلا يستطيعون } فمن قال في هذا اليوم إنه يوم القيامة جعل الأمر بهذا السجود على وجه التكليف .

ومن جعله في الدنيا فلهم في الأمر بهذا السجود قولان :

أحدهما : أنه تكليف .

الثاني : تندم وتوبيخ للعجز عنه ، وكان ابن بحر يذهب إلى أن هذا الدعاء إلى السجود إنما كان في وقت الاستطاعة ، فلم يستطيعوا بعد العجز أن يستدركوا ما تركوا .


[3058]:العراق: بضم العين العظم بغير لحم، فإن كان عليه لحم فهو عرق بفتح العين.
[3059]:هذا الحديث رواه أبو سعيد الخدري مرفوعا وأخرجه البخاري 8/508 ومسلم رقم 183 في الإيمان. وهو حديث طويل، وفيه: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة... إلى آخر الحديث: اقرأه كاملا في جامع الأصول 10/ 446 وهو مختصر في 2/ 412 من نفس المرجع.