بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

قوله تعالى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } يعني : اذكر ذلك اليوم . ويقال : معناه إن الثواب والعقاب . الذي ذكر ، في يوم يكشف عن ساق . قال ابن عباس : يعني : يظهر قيام الساعة . وروى سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس قال : { عَن سَاقٍ } يعني : عن أمر عظيم ، وقال مجاهد : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } عن بلاء عظيم ، وقال قتادة : يكشف الأمر عن شدة الأمر .

{ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } قال الفقيه : حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا ابن منيع : حدثنا هدبة حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة بن أبي موسى قال : حدثنا أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مُثِّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُون فِي الدُّنْيَا ، فَذَهَبَ كُلُّ قَوْمٍ إلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا ، وَيَبْقَى أَهْلُ التَّوْحِيدِ فِيُقَالُ لَهُمْ : كِيْفَ بَقِيْتُمْ ، وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ ؟ فَيَقُولُونَ : إنَّ لَنَا رَبّاً كُنّا نَعْبُدُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ نَرَهُ قَالَ أَوَ تَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيُقَالُ لَهُمْ : وَكَيْفَ تَعْرِفُونَه وَلَمْ تَرَوْهُ ؟ قَالُوا : لا شَبَهَ لَهُ . فَيُكْشفُ لَهُمُ الحِجَابُ ، فَيَنْظُرُونَ إلَى الله تَعَالَى ، فَيَخرُّونَ لَهُ سُجّداً ، وَيَبْقَى أقْوَامٌ ظُهُورُهُمْ مِثْلَ صِيَاصِي البَقَرِ ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ . فَيَقُولُ الله تَعَالَى عِبَادِي ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ ، قَدْ جَعَلْتُ بَدَلَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى فِي النَّارِ » .

قال أبو بردة : فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز ، فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، أحدثك أبوك بهذا الحديث ؟ فحلفت له ثلاثة أيمان ، فقال عمر : ما سمعت في أهل التوحيد حديثاً هو أحب إلي من هذا الحديث .

وقال القتبي : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } هذا من الاستعارة ، فسمى الشدة ساقاً ، لأن الرجل إذا وقع في الشدة ، شمَّر عن ساقه ، فاستعيرت في موضع الشدة . ويقال : يكشف ما كان خفياً . ويقال : يبدؤون عن أمر شديد ، وهو عذاب عظيم يوم القيامة .