{ يوم يكشف عن ساق } : وعلى هذا القول الناصب ليوم فليأتوا .
وقيل : اذكر ، وقيل التقدير : يوم يكشف عن ساق كان كيت وكيت ، وحذف للتهويل العظيم بما يكون فيه من الحوادث ؛ والظاهر وقول الجمهور : إن هذا اليوم هو يوم القيامة .
وقال أبو مسلم : هذا اليوم هو في الدنيا لأنه قال : { ويدعون إلى السجود } ، ويوم القيامة ليس فيه تعبد ولا تكليف ، بل المراد منه إما آخر أيام الرجل في دنياه لقوله : { يوم يرون الملائكة لا بشرى } ثم يرى الناس يدعون إلى الصلاة إذا حضرت أوقاتها ، فلا يستطيع الصلاة لأنه الوقت الذي لا ينفع فيه نفساً إيمانها ؛ وإما حال المرض والهرم والمعجزة .
{ وقد كانوا } قبل ذلك اليوم ، { يدعون إلى السجود وهم سالمون } مما بهم الآن .
فذلك إما لشدة النازلة بهم من هول ما عاينوا عند الموت ، وإما من العجز والهرم .
وأجيب بأن الدعاء إلى السجود ليس على سبيل التكليف ، بل على سبيل التقريع والتخجيل .
وعندما يدعون إلى السجود ، سلبوا القدرة عليه ، وحيل بينهم وبين الاستطاعة حتى يزداد حزنهم وندامتهم على ما فرطوا فيه حين دعوا إليه وهم سالمون الأطراف والمفاصل .
وقرأ الجمهور : { يكشف } بالياء مبنياً للمفعول .
وقرأ عبد الله بن أبي عبلة : بفتح الياء مبنياً للفاعل ؛ وابن عباس وابن مسعود أيضاً وابن هرمز : بالنون ؛ وابن عباس : يكشف بفتح الياء منبياً للفاعل ؛ وعنه أيضاً بالياء مضمومة مبنياً للمفعول .
وقرىء : يكشف بالياء المضمومة وكسر الشين ، من أكشف إذا دخل في الكشف ، ومنه أكشف الرجل : انقلبت شفته العليا ، وكشف الساق كناية عن شدة الأمر وتفاقمه .
قال مجاهد : هي أول ساعة من يوم القيامة وهي أفظعها .
ومما جاء في الحديث من قوله : « فيكشف لهم عن ساق » ، محمول أيضاً على الشدة في ذلك اليوم ، وهو مجاز شائع في لسان العرب .
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها *** وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
عجبت من نفسي ومن إشفاقها *** ومن طرادي الخيل عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها *** حمراء تبري اللحم عن عراقها
قد شمرت عن ساقها فشدوا *** وجدّت الحرب بكم فجدوا
صبراً امام إن شرباق *** وقامت الحرب بنا على ساق
كشفت لهم عن ساقها *** وبدا من الشر البوا
وقال ابن عباس : يوم يكشف عن شدة .
وقال أبو عبيدة : هذه كلمة تستعمل في الشدة ، يقال : كشف عن ساقه إذا تشمر .
قال : ومن هذا تقول العرب لسنة الجدب : كشفت ساقها ، ونكر ساق للدلالة على أنه أمر مبهم في الشدة ، خارج عن المألوف ، كقوله تعالى : { يوم يدعو الداع إلى شيء نكر } ، فكأنه قيل : يوم يقع أمر فظيع هائل .
{ ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } : ظاهره أنهم يدعون ، وتقدم أن ذلك على سبيل التوبيخ لا على سبيل التكليف .
وقيل : الداعي ما يرونه من سجود المؤمنين ، فيريدون هم السجود فلا يستطيعونه ، كما ورد في الحديث الذي حاورهم فيه الله تعالى أنهم يقولون : أنت ربنا ، ويخرون للسجود ، فيسجد كل مؤمن وتصير أصلاب المنافقين والكفار كصياصي البقر عظماً واحداً ، فلا يستطيعون سجوداً . انتهى .
ونفي الاستطاعة للسجود في الآخرة لا يدل على أن لهم استطاعة في الدنيا ، كما ذهب إليه الجبائي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.