في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

ثم أشار إلى حادث وقع من وفد بني تميم حين قدموا على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في العام التاسع . الذي سمي " عام الوفود " . . لمجيء وفود العرب من كل مكان بعد فتح مكة ، ودخولهم في الإسلام ، وكانوا أعرابا جفاة ، فنادوا من وراء حجرات أزواج النبي [ صلى الله عليه وسلم ] المطلة على المسجد النبوي الشريف : يا محمد . اخرج لنا . فكره النبي [ صلى الله عليه وسلم ] هذه الجفوة وهذا الإزعاج . فنزل قوله تعالى :

( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ، ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم ، والله غفور رحيم ) . .

فوصفهم الله بأن أكثرهم لا يعقلون . وكره إليهم النداء على هذه الصفة المنافية للأدب والتوقير اللائق بشخص النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وحرمة رسول الله القائد والمربي .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

الحجرات : مكان سكن النبي الكريم ، كان لكل زوجة حجرة ، بيت .

من وراء الحجرات : من خارجها .

كان الأعراب ( وهم قريبو عهد بالجاهلية ) أكثرهم جُفَاة يأتون إلى المدينة فيجتمعون عند حجُرات أزواج رسول الله ، وينادونه بأصواتهم المزعجة :

يا محمد ، اخرج إلينا . وكان هذا في العام التاسع من الهجرة وهو عام

« الوفود » لدخول الناس في دين الله أفواجا . فكان ذلك يؤذي النبيَّ الكريم عليه الصلاة والسلام .

فأدّبهم الله بهذا القرآن الكريم ، ووصفهم بأن أكثرهم لا يعقِلون ، ثم بين لهم أن النداء بهذا الجفاء منافٍ للأدب والتوقيرِ اللائق بشخص النبي الكريم ،

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

قوله تعالى : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } قرأ العامة بضم الجيم ، وقرأ أبو جعفر بفتح الجيم ، وهما لغتان ، وهي جمع الحجر ، والحجر جمع الحجرة فهي جمع الجمع . قال ابن عباس : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى بني العنبر وأمر عليهم عيينة بن حصن الفزاري ، فلما علموا أنه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة بن حصن وقدم بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري ، فقدموا وقت الظهيرة ، ووافقوا النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً في أهله ، فلما رأتهم الذراري اجهشوا إلى آبائهم يبكون ، وكان لكل امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم حجرة ، فعجلوا قبل أن يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعلوا ينادون : يا محمد اخرج إلينا ويصيحون حتى أيقظوه من نومه ، فخرج إليهم فقالوا : يا محمد نادنا عيالنا ، فنزل جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلاً ، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : أترضون أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو ، وهو على دينكم ؟ فقالوا : نعم ، فقال سبرة : أني لا أحكم بينكم ، وعمي شاهد ، وهو الأعور بن بشامة ، فرضوا به ، فقال الأعور : أرى أن تفادي نصفهم وتعتق نصفهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد رضيت ، ففادى نصفهم وأعتق نصفهم ، فأنزل الله تعالى : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون } وصفهم بالجهل وقلة العقل .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

ولما نهى سبحانه عن الإخلال بالأدب ، وأمر بالمحافظة على التعظيم ، وذكر وصف المطيع ، أتبع ذلك على سبيل النتيجة وصف من أخل به ، فقال مؤكداً لأجل أن حالهم كان حال من يدع عقلاً تاماً : { إن الذين ينادونك } أي يجددون نداءك من غير توبة والحال أن {[60718]}نداءهم إياك{[60719]} كائن { من وراء } إثبات هذا الجار يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان{[60720]} داخلها ، ولو سقط لم يفد ذلك ، بل كان يفيد أن نسبة الأماكن التي وراءها الحجرات كلها بالنسبة إليه وإليهم على حد سواء ، وذلك بأن يكون الكل خارجها{[60721]} ، والوراء : الجهة التي تواريك و{[60722]}تواريها من خلف أو قدام .

ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم من العظمة في نفسه وفي تبليغ رسالات الله في {[60723]}هيئتها بمكان{[60724]} من العظمة بحيث لا يخفى على أحد . فليس لأحد أن يفتات فيها{[60725]} عليه ولا أن يعجله عن{[60726]} شيء ، وكان نداؤه لذلك{[60727]} من وراء حجرة واحدة كندائه من وراء كل حجرة جمع فقال : { الحجرات } ولم يضفها إليه إجلالاً له ، وليشمل كونه في غيرها أيضاً ، والمعنى : مبتدئين النداء من جهة تكون الحجرات فيها بينك وبينهم فتكون موازية لك منهم ولهم منك ، وهي جمع حجرة ، وهي ما حوط من قطع الأرض بحائط يمنع ممن يكون خارجه من أذى من-{[60728]} يكون داخله بقول أو فعل ، فإنه يكون فيما يختص به من الاجتماع بنسائه أو إصلاح شيء من حاله ، لا يتهيأ له بحضور الناس فيما يتقاضاه المروءة ، وأسند الفعل إلى الجمع{[60729]} وإن كان المنادي بعضهم للرضى به أو السكوت عن النهي .

ولما كان الساكت قد لا يكون راضياً قال : { أكثرهم } أي المنادي والراضي-{[60730]} دون الساكت-{[60731]} لعذر{[60732]} { لا يعلقون * } لأنهم لم يصبروا ، بل فعلوا معه صلى الله عليه وسلم كما يفعل بعضهم مع من يماثله ، والعقل يمنع من مثل ذلك لمن اتصف بالرئاسة فكيف إذا كانت رئاسة النبوة والرسالة عن الملك الجبار الواحد القهار .


[60718]:من مد، وفي الأصل: نداءك إياهم.
[60719]:من مد، وفي الأصل: نداءك إياهم.
[60720]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[60721]:من مد، وفي الأصل: خارجا.
[60722]:من مد، وفي الأصل: أو.
[60723]:من مد، وفي الأصل: جهة المكان.
[60724]:من مد، وفي الأصل. جهة المكان.
[60725]:سقط من مد.
[60726]:من مد، وفي الأصل: على.
[60727]:من مد، وفي الأصل: كذلك.
[60728]:زيد من مد.
[60729]:من مد، وفي الأصل: الجميع.
[60730]:زيد من مد.
[60731]:زيد من مد.
[60732]:من مد، وفي الأصل: عذر قال.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (4)

{ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون }

{ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم جمع حجرة وهي ما يحجر عليه من الأرض بحائط ونحوه ، وكان كل واحد منهم نادى خلف حجرة لأنهم يعلموه في أي حجرة مناداة الأعراب بغلظة وجفاء { أكثرهم لا يعقلون } فيما محلَّك الرفيع وما يناسبه من التعظيم .