في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

وبين لهم الأولى والأفضل وهو الصبر والانتظار حتى يخرج إليهم . وحبب إليهم التوبة والإنابة ، ورغبهم في المغفرة والرحمة .

وقد وعى المسلمون هذا الأدب الرفيع ، وتجاوزوا به شخص رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى كل أستاذ وعالم . لا يزعجونه حتى يخرج إليهم ؛ ولا يقتحمون عليه حتى يدعوهم . . يحكى عن أبي عبيد - العالم الزاهد الراوية الثقة - أنه قال : " ما دققت بابا على عالم قط حتى يخرج في وقت خروجه " . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

وعلّمهم أن الأفضلَ لهم أن يصبروا وينتظروا حتى يخرجَ إليهم ، ثم أتبع ذلك قوله تعالى : { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

هذه السورة كما مرّ في المقدمة من أواخر السور نزولا ، وفيها على قِصَرها قواعدُ وتعاليم للمؤمنين ، وترسيخٌ لإيمانهم ، و تأديبٌ لهم ليتهيأوا لقيادة العالم .

والحُجرات التي ورد ذكرها في الآية الكريمة هي تسعُ حجرات كانت لكل زوجة حجرة من جريد النخل ، وعلى أبوابها المسوح من شعر أسود . وكانت غير مرتفعة يُتناول سقفها باليد ، وفي غاية البساطة . قال سعيد بن المسيب وهو أكبر التابعين في المدينة : وددتُ أنهم تركوها على حالها حتى يراها الناس بما فيها من البساطة ، فيروا ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ، فيكون ذلك مما يزهِّد الناسَ في التفاخُر والتكاثر .

وقد أُدخلت هذه الحجرات في عهدِ الوليدِ بن عبد الملك بأمرِه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى الناس لذلك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

قوله تعالى : { ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم } قال مقاتل : لكان خيراً لهم لأنك كنت تعتقهم جميعاً وتطلقهم بلا فداء ، { والله غفور رحيم } وقال قتادة : نزلت في ناس من أعراب بني تميم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا على الباب . ويروى ذلك عن جابر قال : جاءت بنو تميم فنادوا على الباب : اخرج إلينا يا محمد ، فإن مدحنا زين ، وذمنا شين ، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فخرج صلى الله عليه وسلم وهو يقول : إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين ، فقالوا : نحن ناس من بني تميم جئنا بشعرائنا وخطبائنا لنشاعرك ونفاخرك ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما بالشعر بعثت ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا ما عندكم ، فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل قومه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لثابت ابن قيس بن شماس ، وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم : قم فأجبه ، فأجابه ، وقام شاعرهم فذكر أبياتاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : أجبه فأجابه ، فقام الأقرع بن حابس ، فقال : إن محمداً لمؤتىً له والله ما أدري ما هذا الأمر ، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن من خطيبنا وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر وأحسن قولاً ، ثم دنا من النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما يضرك ما كان قبل هذا ثم أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكساهم ، وكان قد تخلف في ركابهم عمرو بن الأهتم لحداثة سنه ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطاهم ، وأزرى به بعضهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل فيهم : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم } الآيات الأربع إلى قوله : { غفور رحيم } وقال زيد بن أرقم : جاء ناس من العرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبياً فنحن أسعد الناس به ، وإن يكن ملكاً نعش في جنابه ، فجاؤوا فجعلوا ينادونه ، يا محمد يا محمد ، فأنزل الله : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

{ ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم } من إيذائهم إياك بالنداء على بابك { والله غفور رحيم } لمن تاب منهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

أي لو انتظروا خروجك لكان أصلح في دينهم ودنياهم . وكان صلى الله عليه وسلم لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيهما بمهمات نفسه ، فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب وقيل : كانوا جاؤوا شفعاء في أساري بني عنبر فأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم نصفهم ، وفادي على النصف . ولو صبروا لأعتق جميعهم بغير فداء . " والله غفور رحيم " .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

{ ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم } يعني : خيرا في الثواب وفي انبساط نفس النبي صلى الله عليه وسلم وقضائه حوائجهم وإنكار فعلهم فيه تأديب لهم وتعليم لغيرهم .