في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

16

بهذا ينتهي مشهد الحساب الرهيب بهوله وشدته ؛ ولكن المشهد كله لا ينتهي ، بل يكشف السياق عن جانب منه مخيف :

( يوم نقول لجهنم : هل امتلأت : وتقول : هل من مزيد ? ) .

إن المشهد كله مشهد حوار . فتعرض جهنم فيه في معرض الحوار وبهذا السؤال والجواب يتجلى مشهد عجيب رهيب . . هذا هو كل كفار عنيد . مناع للخير معتد مريب . . هؤلاء هم كثرة تقذف في جهنم تباعا ، وتتكدس ركاما . ثم تنادى جهنم : ( هل امتلأت ? )واكتفيت ! ولكنها تتلمظ وتتحرق ، وتقول في كظة الأكول النهم : ( هل من مزيد ? ! ) . . فيا للهول الرعيب !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

وبعد ذلك يذكر مكان حلول الوعيد بقوله :

{ يوم نقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد ؟ }

وهذا يقال تقريعاً للكافرين إذ تطلب جهنمُ المزيدَ منهم .

قراءات :

قرأ نافع وأبو بكر : يوم يقول لجهنم . . . . بالياء . والباقون : نقول بالنون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ 30-35 } { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

يقول تعالى ، مخوفًا لعباده : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ } وذلك من كثرة ما ألقي فيها ، { وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } أي : لا تزال تطلب الزيادة ، من المجرمين العاصين ، غضبًا لربها ، وغيظًا على الكافرين .

وقد وعدها الله ملأها ، كما قال تعالى { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه ، فينزوي بعضها على بعض ، وتقول : قط قط ، قد اكتفيت وامتلأت .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

قوله تعالى : { يوم نقول لجهنم } قرأ نافع وأبو بكر بالياء ، أي : يقول الله ، لقوله : لا تختصموا لدي ، وقرأ الآخرون بالنون ، { هل امتلأت } وذلك لما سبق لها من وعده إياه أنه يملؤها من الجنة والناس ، وهذا السؤال من الله عز وجل لتصديق خبره وتحقيق وعده ، { وتقول } جهنم ، { هل من مزيد } قيل : معناه قد امتلأت فلم يبق في موضع لم يمتلئ ، فهو استفهام إنكار ، هذا قول عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان . وقيل : هذا استفهام بمعنى الاستزادة ، وهو قول ابن عباس في رواية أبي صالح ، وعلى هذا يكون السؤال بقوله : هل امتلأت ، قبل دخول جميع أهلها فيها ، وروي عن ابن عباس : أن الله تعالى سبقت كلمته { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }( السجدة-13 ) ، فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء ، فتقول : ألست قد أقسمت لتملأني ؟ فيضع قدمه عليها تعالى عما يقول الظالمون ، ثم يقول : هل امتلأت ؟ فتقول : قط قط قد امتلأت فليس في مزيد . أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، أنبأنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تزال جهنم تقول هل من مزيد ، حتى يضع رب العزة فيها قدمه ، فتقول قط قط وعزتك ، وينزوي بعضها إلى بعض ، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله خلقاً فيسكنه فضول الجنة " .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

قوله تعالى : " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " قرأ نافع وأبو بكر " يوم يقول " بالياء اعتبارا بقوله : " لا تختصموا لدي " . الباقون بالنون على الخطاب من الله تعالى وهي نون العظمة{[14176]} . وقرأ الحسن " يوم أقول " . وعن ابن مسعود وغيره " يوم يقال " . وانتصب " يوم " علي معنى ما يبدل القول لدي يوم . وقيل : بفعل مقدر معناه : وأنذرهم " يوم نقول لجهنم هل امتلأت " لما سبق من وعده إياها أنه يملؤها . وهذا الاستفهام على سبيل التصديق لخبره ، والتحقيق لوعده ، والتقريع لأعدائه ، والتنبيه لجميع عباده . " وتقول " جهنم " هل من مزيد " أي ما بقي في موضع للزيادة ، كقوله عليه السلام : ( هل ترك لنا عقيل من ربع أومنزل ) أي ما ترك ، بمعنى الكلام الجحد . ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة ، أي هل من مزيد فأزداد ؟ وإنما صلح هذا للوجهين ؛ لأن في الاستفهام ضربا من الجحد . وقيل : ليس ثم قول وإنما هو على طريق ، المثل ، أي إنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك ، كما قال الشاعر :

امتلأَ الحوض وقال قَطْنِي *** مهلاً رُوِيْداً قد ملأتَ بَطْنِي

وهذا تفسير مجاهد وغيره . أي هل في من مسلك قد امتلأت . وقيل : ينطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح . وهذا أصح على ما بيناه في سورة " الفرقان{[14177]} " وفي صحيح مسلم والبخاري والترمذي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي{[14178]} بعضها إلى بعض وتقول : قط قط بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) لفظ مسلم . وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة : ( وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله عليها رجله يقول لها قط قط ، فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض فلا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا ) .

قال علماؤنا رحمهم الله : أما معنى القدم هنا فهم قوم يقدمهم الله إلى النار ، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار . وكذلك الرجل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم ، يقال :رأيت رِجْلا من الناس ورِجْلا من جراد ، فال الشاعر :

فَمَرّ بنا رِجْلٌ من الناس وانزَوَى *** إليهم من الحي اليماني أَرْجُلُ

قبائلُ من لَخْمٍ وعُكْلٍ وحِمْيَرٍ *** على ابني نِزَارٍ بالعداوة أَحْفَلُ

وبين هذا المعنى ما روي عن ابن مسعود أنه قال : ما في النار بيت ولا سلسلة ولا مقمع ولا تابوت إلا وعليه اسم صاحبه ، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذي قد عرف اسمه وصفته ، فإذا استوفى كل واحد منهم{[14179]} ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد قال الخزنة : قط قط حسبنا حسبنا ! أي اكتفينا اكتفينا ، وحينئذ تنزوي جهنم على من فيها وتنطبق إذ لم يبق أحد ينتظر . فعبر عن ذلك الجمع المنتظر بالرجل والقدم ، ويشهد لهذا التأويل قوله في نفس الحديث : ( ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) وقد زدنا هذا المعنى بيانا ومهدناه في كتاب الأسماء والصفات من الكتاب الأسنى والحمد لله . وقال النضر بن شميل في معنى قوله عليه السلام : ( حتى يضع الجبار فيها قدمه ) أي من سبق في علمه أنه من أهل النار .


[14176]:في ن، هـ: "التعظيم".
[14177]:راجع جـ 13 ص 10.
[14178]:ينزوي بعضها إلى بعض: أي تنقبض على من فيها، وتشتغل بعذابهم، وتكف عن سؤال هل من مزيد. (هامش مسلم).
[14179]:الزيادة من ن.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد }

{ يوم } ناصبه ظلاًم { نقول } بالنون والياء { لجهنم هل امتلأت } استفهام لوعده بمثلها { وتقول } بصورة الاستفهام كالسؤال { هل من مزيد } أي لا أسع غير ما امتلأت به ، أي قد امتلأت .